كلما أبصرت عيوني أزهارًا.. تذكرتُ قاطف الأزهار
نازك الملائكةو تمضي الليالي إلى قبرها
وتمشي الحياةُ مع الموكِبِ
أسير أنا في شعاب الوجود
أفتش عن حلمي المُتعَبِ
قد يكون الشعر بالنسبة للإنسان السعيد ترفاً ذهنياً محضاً، غير أنه بالنسبة للمحزون وسيلة حياة
نازك الملائكةالليلُ يسألُ مَن أنا
أنا سرُّهُ القلقُ العميقُ الأسودُ
أنا صمتُهُ المتمرِّدُ
قنّعتُ كنهي بالسكونْ
ولففتُ قلبي بالظنونْ
وبقيتُ ساهمةً هنا
أرنو وتسألني القرونْ
أنا من أكون ؟
الريحُ تسألُ مَنْ أنا
أنا روحُهَا الحيرانُ
أنكرني الزمانْ
أنا مثلها في لا مكان
نبقى نسيرُ ولا انتهاءْ
نبقى نمرُّ ولا بقاءْ
فإذا بلغنا المُنْحَنَى
خلناهُ خاتمةَ الشقاءْ
فإذا فضاءْ !
والدهرُ يسألُ مَنْ أنا
أنا مثله جبارةٌ
أطوي عُصورْ
وأعودُ أمنحُها النشورْ
أنا أخلقُ الماضيْ البعيدْ
من فتنةِ الأملِ الرغيدْ
وأعودُ أدفنُهُ
أنا
لأصوغَ لي أمساً جديدْ
غَدُهُ جليد
والذاتُ تسألُ مَنْ أنا
أنا مثلها حيرَى أحدّقُ في الظلام
لا شيءَ يمنحُني السلامْ
أبقى أسائلُ والجوابْ
سيظَلّ يحجُبُه سرابْ
وأظلّ أحسبُهُ دَنَا
فإذا وصلتُ إليه ذابْ
وخبا وغابْ
انتصف الليل و ملئ الظلمة أمطار..
و سكون رطب يصـرخ فيه الإعصار..
الشارع مهجور تعضل فيه الريـح..
تتوجع أعمدة و تنوح مصابيــح..
و تظل الطفلة راعشة حتى الفـجر..
حتى يخبو الإعصـار و لا أحد يدري..
في منعطف الشارع في ركن مقــرور..
حرست ظلمة شرفة بيت مهــجور..
ظمأ ..ظمأ للنوم ولـــكن لا نوما..
ماذا تــنسى البرد .. الجوع أم الحمى..
ضمت كفيــها في جـــــزع في إعياء..
و توسدت الأرض الرطبة دون غــطاء..
و الناس قناع مصطنع اللون كذوب..
خلف وداعتهإاختبأ الحقد المشبوب..
المجتمع البشري صريع كـؤوس..
و الرحمة تبقى لفظا يقرا في القاموس..
فيمَ هذا الصراع يا أيها الاحياءُ؟
فيم القتالُ؟ فيم الدماءُ؟
فيمَ راح الشُبّانُ في زَهْرة العُمْرِ
ضحايا وفيمَ هذا العداءُ؟
أهْو حبُّ الثراءِ؟ يا عَجَبَ القلبِ!
وما قيمة الثراء الفاني؟
في غدٍ رحلةٌ فعل يدفع المواتُ
بالمالِ وحشةَ الاكفانِ
ماذا وراء الحياةِ؟ ماذا؟
أيُّ غُموضٍ؟ وأيُّ سِرِّ؟
وفيمَ جئنا؟ وكيف نمضي؟
يازورقي, بل, لأيِّ بحرِ؟
يدفعُكَ الموجُ كلَّ يومٍ
أينَ ترى آخِرُ اَلمقَرَّ؟
يا زورقي طال بي ذُهولي
وأغرقَ الوهمُ جوَّ عُمْري
أَسري كما ترسُمُ المقاديرُ لي
الى حيثُ لستُ أدري
شريدةٌ في دُجَى حياتي
سادرةٌ في غُموضِ دَهْري
فخافقٌ شاعرٌ, وروحٌ
قال لها الدَهْر لا تَقَرِّي
وناطَها بالذُرَى تُغنّي
وتنظِمُ الكونَ بيتً شِعْرَ
نحن هل نحن في الوجود سوى الجهلِ
مصُوغاً في صورة الانسانِ؟
كلُّ ما في الأكوانِ يحكمنا ماذا
إذنْ سرُّ ذلك الطُغيانِ
[ صور من زقاق بغداديّ ]
ذهبتْ ولم يَشحَبْ لها خدٌّ ولم ترجُفْ شفاهُ
لم تَسْمع الأبوابُ قصةَ موتها تُرْوَى وتُرْوَى
لم تَرتَفِعْ أستار نافذةٍ تسيلُ أسًى وشجوَا
لتتابعَ التابوت بالتحديقِ حتى لا تراهُ
إلا بقيّةَ هيكلٍ في الدربِ تُرْعِشُه الذِّكَرْ
نبأ تعثـّر في الدروب فلم يجدْ مأوًى صداهُ
فأوَى إلى النسيانِ في بعضِ الحُفَرْ
يرثي كآبَته القَمَرْ.
**
والليلُ أسلم نفسَهُ دون اهتمامٍ, للصَباحْ
وأتى الضياءُ بصوتِ بائعةِ الحليبِ وبالصيامْ,
بمُوَاءِ قطٍّ جائعٍ لم تَبْقَ منه سوى عظامْ,
بمُشاجراتِ البائعين, وبالمرارةِ والكفاحْ,
بتراشُقِ الصبيان بالأحجار في عُرْضِ الطريقْ,
بمساربِ الماء الملوّثِ في الأزقّةِ, بالرياحْ,
تلهو بأبوابِ السطوح بلا رفيقْ
في شبهِ نسيانٍ عميقْ
كانت خلاصةُ أحلامِهِ أن يصيدَ القَمَرْ
ويودعَهُ قفصًا من ندًى وشذًى وزَهَرْ
وكان يقضِّي المساءَ يحوك الشباكَ ويَحْلُمْ
يوسّدُهُ عُشُبٌ باردٌ عند نبع مغمغِمْ
ويسْهَرُ يرمُقُ وادي المساء ووجْهَ القَمَرْ
وقد عكستْهُ مياهُ غديرٍ بَرُودٍ عَطِرْ
شجرة القمر)
Seite 1 von 2.
nächste letzte »
Data privacy
Imprint
Contact
Diese Website verwendet Cookies, um Ihnen die bestmögliche Funktionalität bieten zu können.