وقد أدي التوحيد بين سلطة النص الديني وسلطة النظام السياسي إلى نتائج خطيرة على مستوي آليات العقل العربي المسلم في إنتاج المعرفة ، حيث أصبحت النصوص الدينية الإطار المرجعي الأول والأخير بالنسبة لكل القوي الاجتماعية والسياسية ، هذا من جهة . ومن جهة أخري ظل تأويل النصوص يدور دائماً وعين المفكر وعقله على اتجاه السلطة السياسية ، تأييداً أو معارضة ، وبذلك انحصرت حركة العقل بين قطبين أحدهما النص الديني ، وثانيهما السلطة السياسية . ومثل هذا الحصر ، أو بالأحري السجن ، يؤدي لا إلى جعل النشاط العقلي نشاطاً هامشياً فحسب ، بل يجعله نشاطاً تبريرياً من الدرجة الأولي وحين يمارس المثقف / المفكر فعالية التفكير وعينه على السلطة السياسية مؤيداً لها ، فإنه يتجاوز التبريرية إلى التواطئية . وبعبارة أخري تبدو التبريرية لصيقة الصلة بمحاولة المفكر إيجاد مرجعية دينية نصية لمواقفه الفكرية ، حيث تتميع أصالة الموقف لحساب الثبات الأيديولوچي الراسخ للنصوص الدينية . وحين تضاف إلى هذه التبريرية الانتماء الأيديولوچي لموقف السلطة ، يتحول الموقف إلى التواطئية .ونستطيع أن نضرب أمثلة كثيرة من تاريخنا الثقافي القديم والحديث لكشف بعدى التبريرية والتواطئية في بنية العقل العربي ، ونعني بالتحديد العقل السائد والمسيطر . ولعل في أحداث الخليج وما كشف عنه ما يقف شاهداً معاصراً حياً على تلك البنية المسيطرة والسائدة
Autor: نصر حامد أبو زيد