وإن هذه الكتب ما هي إلا هداية كبرى من الله، لا ناقة لي فيها ولا جمل ذلك أني كنت أقوم من النوم فجرا فأصلي الصبح ثم أجلس مستقبل القبلة، ثم أمسك بالقلم فما ألبث إلا قليلا حتى تأتيني الأفكار متتابعة ومتسلسلة، تشد بعضها بعضا فأكتبها؛ وهكذا يمر اليوم كله في الكتابة إلا ما كان من أوقات الأكل والراحة والصلاة؛ وهكذا كانت تمر الأيام حتى أنتهي من الكتاب الأول، فأمر بعده إلى الكتاب الثاني، حتى انتهت سلسلة من خمسة كتب في أربعة أعوام تقريبا.
والملفت للنظر هو أني بدأت الكتابة وأنا لا أدري ما مصير ما أكتب، بل كان الراجح عندي هو أن يستولي عليها السجان غنيمة سهلة ولكن الله فتح لي بعد أن تقدمت في الكتابة شوطا كبيرا، أبواب الخروج بكل ما أكتب إلى خارج أسوار [السجن] بطرق لم تكن في الحسبان أبدا، (ومن يتق الله يجعل له مخرجا) ثم إني كنت أكتب وانا منقطع على كل مرجع أي كان نوعها؛ فكان كل ما كتبت إلهاما من الله عز وجل أو بعض ما ثبت في ذهني من قراءاتي السابقة؛ فهذه نعمة من الله ذي النعم التي لا تحصى (وأما بنعمة ربك فحدث).
Autor: الصادق شورو