كثيراً ما أدت بلورة جماعات إلى تفتيت مجتمعات قائمة. وهذا الاستنتاج ليس مثالا داحضاً للنظرية. هل ايرلندا الشمالية أو لبنان أو العراق مجتمعات يجري توحيدها ام تفتيتها بواسطة الدين ؟ وهل وظيفة الدين إعادة إنتاج لجماعيّة هذه الكيانات باعتبارها قومية, أي جماعة متخيلة تستند إلى مقومات ثقافية, وتواريخ مناطقية, وطموحات سياسية ؟
الواقع أن الطائفة لا الوطن أو القومية هي الجماعية المتخيّلة هنا. وهي تشمل ممارسة الانتماء الطائفي من دون تديّن. والهوية هنا هي البعد الجماعيّ في اي مجتمع, والمقصود هو الرابط الوشائجي عضوياً أكان أم متخيلاً.
وإذا كان المجتمع الوطني غير قادر بأدواته على إنتاج القومية او الامة المواطنية باعتبارها جماعة متخيلة جامعة تتبارى مع الجماعة الدينية, أو تخضعها, أو تجبرها على العيش بكنفها, فسوف يكون الإنتاج الديني للجماعة الدينية مفتِتاً للمجتمع لا موحداً له. إنه في هذه الحالة موحد للجماعة باعتباره مادة في خلق جماعة متخيّلة, ومفتت للمجتمع. وهو في حالة الحداثة ينتج جماعة متخيّلة ضد جماعة متخيّلة أخرى لأنه في الحداثة يستخدم الدين أيديولجياً باعتباره هوية.
Autor: عزمي بشارة