تضغط العقيدة اجتماعيا على الافراد للالتزام بها خشية التميّز والتفرد والعزلة, أو خشية الاتهام بالزندقة. وهذه هي الآلية الإدماجية المؤسسية التي ترى الفرد مجرّد عنصر من منظومة قواعدها ومعاييرها. وتنظّم العقيدة على ما يبدو خيطاً عقلياً ومنطقياً ما كان إيماناً بسيطاً, كما أنها تبدأ بنفي العقائد التي سبقتها. وغالباً ما تدّعي عدم صحتها إذا ما كانت قائمة في التقليد الديني والحضاري نفسه. وتحتدم المجادلات بين تأكيد الاستمرارية وحتى التكفير بين العقائد التي تقوم على ديانات في الفضاء الحضاري نفسه.
وغالبا ما تكون هذه السجالات وراء شكل وضع العقيدة بصورة منظومة بحيث لا تُفهم, أو تفهم خطأ, من دون معرفة السياقات السجالية لنشوئها.
والحقيقة أن العقائد الدينية بصورتها المعروفة لدينا كانت دوماً ثمرة سجالات حادة حدثت في سياق انقسامات لاهوتية معقدة. وكذلك كان خروجها بمظهر "العقيدة الصحيحة" ثمرة ذلك التاريخ السجالي وتم ذلك من خلال فترة تاريخية لا دفعة واحدة.
تتغيّر العقيدة باستمرار, بحيث يبرز فيها بالتدريج تقديس ما لم يكن مقدسا في بداياتها تبعاً لازدياد أهميته في المنظومة الإيمانية, أو إذا ما فرض ذلك التدين الشعبي. فيقدّس مع الوقت النبي, ورجل الدين, وتقدس مثلا مواسم ومناسبات معينة لم لكن تُقدس في مراحل هذا الدين الأولى.
كما تُضاف هالة من القدسية على المؤسسين في اقتحام واضح من نزعة عبادة الاسلاف لمجال ديني خرج ضدها.
هنا يتجلى لنا بوضوح كيف يصنع التديّن الدين من جديد عبر التاريخ, لا العكس, فنمط التديّن الممارس بتأثيرات اجتماعية واقتصادية متعددة ينقل أنماط التديّن هذه لتصبح من "صميم الدين".

Autor: عزمي بشارة

تضغط العقيدة اجتماعيا على الافراد للالتزام بها خشية التميّز والتفرد والعزلة, أو خشية الاتهام بالزندقة. وهذه هي الآلية الإدماجية المؤسسية التي ترى الفرد مجرّد عنصر من منظومة قواعدها ومعاييرها. وتنظّم العقيدة على ما يبدو خيطاً عقلياً ومنطقياً ما كان إيماناً بسيطاً, كما أنها تبدأ بنفي العقائد التي سبقتها. وغالباً ما تدّعي عدم صحتها إذا ما كانت قائمة في التقليد الديني والحضاري نفسه. وتحتدم المجادلات بين تأكيد الاستمرارية وحتى التكفير بين العقائد التي تقوم على ديانات في الفضاء الحضاري نفسه.<br />وغالبا ما تكون هذه السجالات وراء شكل وضع العقيدة بصورة منظومة بحيث لا تُفهم, أو تفهم خطأ, من دون معرفة السياقات السجالية لنشوئها.<br />والحقيقة أن العقائد الدينية بصورتها المعروفة لدينا كانت دوماً ثمرة سجالات حادة حدثت في سياق انقسامات لاهوتية معقدة. وكذلك كان خروجها بمظهر "العقيدة الصحيحة" ثمرة ذلك التاريخ السجالي وتم ذلك من خلال فترة تاريخية لا دفعة واحدة.<br />تتغيّر العقيدة باستمرار, بحيث يبرز فيها بالتدريج تقديس ما لم يكن مقدسا في بداياتها تبعاً لازدياد أهميته في المنظومة الإيمانية, أو إذا ما فرض ذلك التدين الشعبي. فيقدّس مع الوقت النبي, ورجل الدين, وتقدس مثلا مواسم ومناسبات معينة لم لكن تُقدس في مراحل هذا الدين الأولى.<br />كما تُضاف هالة من القدسية على المؤسسين في اقتحام واضح من نزعة عبادة الاسلاف لمجال ديني خرج ضدها.<br />هنا يتجلى لنا بوضوح كيف يصنع التديّن الدين من جديد عبر التاريخ, لا العكس, فنمط التديّن الممارس بتأثيرات اجتماعية واقتصادية متعددة ينقل أنماط التديّن هذه لتصبح من "صميم الدين". - عزمي بشارة




©gutesprueche.com

Data privacy

Imprint
Contact
Wir benutzen Cookies

Diese Website verwendet Cookies, um Ihnen die bestmögliche Funktionalität bieten zu können.

OK Ich lehne Cookies ab