رفض متكلمو أهل السنة و الجماعة من الأشاعرة و الماتريدية (مثلما رفضت المعتزلة طبعاً) إيمان المقلّد، و أوجبوا معرفة الله بالعقل لا بالشرع، و روى عنهم ابن حزم الظاهري قولهم الصريح: (لا يكون مسلماً إلا من استدل). و غني عن البيان أن المتكلمين ما اتخذوا هذا الموقف إلا تأثراً بالقرآن و استلهاماً لمعانيه، ففيه نداء متواصل إلى اطراح التقليد، و نبذ العقائد المتوارثة عن حقائق هذا الوجود، كقوله تعالى: (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا، أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون)، و قوله: (ولا تقفُ ما ليس لك به علم، إن السمع و البصر و الفؤاد، كل أولئك كان عنه مسؤولا). و لقد بلغ مدى أبعد من ذلك، حين شبه بالأنعام أولئك الذين عطلوا حاسهم و طاقاتهم الفكرية: (لهم قلوب لا يفقهون بها، و لهم أعين لا يبصرون بها، و لهم آذان لا يسمعون بها، أولئك كالأنعام بل هم أضل، أولئك هم الغافلون.)