باطلٌ كلّ البطلان أن يكون في هذه الدنيا على ما هي عليه , ثقافة يمكن أن تكون ( ثقافةً عالميّة ) , أي : ثقافة واحدة يشترك فيها البشر جميعًا ويمتزجون على اختلاف لغتهم ومللهم ونحلهم وأجناسهم وأوطانهم .. فهذا تدليسٌ كبيرٌ , وإنما يراد بشيوع هذه المقولة بين الناس والأمم , هدفٌ آخرُ يتعلق بفرض سيطرة أمةٍ غالبةٍ على أممٍ مغلوبة , لتبقى تبعًا لها .. فـ الثقافات متعددة بتعدد الملل, ومتميزة بتميز الملل , ولكل ثقافةٍ أسلوبٌ في التفكير والنظر والاستدلال منتزعٌ من الدين الذي تدين به لا محالة .. فـ الثقافات المتباينة تتحاور وتتناظر وتتناقش , ولكن لا تتداخل تداخلاً يُفضي إلى الامتزاج البتّة , ولا يأخذُ بعضها عن بعضٍ شيئًا , إلا بعد عرضه على أسلوبها في التفكير والنظر والاستدلال , فإن استجاب للأسلوب أخذته وعدلته وخلصته من الشوائب , وإن استعصى نبذتْهُ وطرحتْه
محمود محمد شاكرإنما أنا كمثلك أحب أن أفهم ما أقرأ، وإلا لم يكن لقراءة ما نقرؤه معنى، فأغلق أنا كتابي، وتغلق أنت هذا الكتاب، ثم نرمي بهما جميعًا في النار، فلعلها أعقلُ منك ومني، فتحرق هذا الكلام وتأكله، فربما كان معنى ذلك عندها: أنها تقرؤه وتفهمه، فتكون أحق مني ومنك بالحياة، أي بالتوقد والتوهج!
محمود محمد شاكر(أرأيت قطّ رجلا من غير الإنجليز أو الألمان مثلا، مهما بلغ من العلم والمعرفة، كان مسموع الكلمة في آداب اللغة الإنجليزية، وفي حياة المجتمع الإنجليزي ، يدين له العلماء بالطاعة والتسليم)؟ أليس غريبا أن يكون غير الممكن ممكنا في ثقافتنا نحن وحدها، دون سائر ثقافات البشر قديمها وحديثها؟ غريب عجيب لا محالة.
محمود محمد شاكرTags: نور
ولأنّ (الإنسان) منذ مولده قد استودع فطرة باطنة بعيدة الغور في أعماقها، توزعه، (أي تلهمه وتحرّكه)، أن يتوجّه إلى عبادة ربّ يدرك إدراكا مبهما أنّه خالقه وحافظه ومعينه، فهو لذلك سريع الاستجابة لكلّ ما يلبّي حاجة هذه الفطرة الخفيّة الكامنة في أغواره. وكلّ ما يلبّي هذه الحاجة، هو الذي هدى الله عباده أن يسمّوه (الدّين)، ولا سبيل البتّة إلى أن يكون شيء من ذلك واضحا في عقل الإنسان إلا عن طريق (اللّغة) لا غير، لأن (العقل) لا يستطيع أ، يعمل شيئا، فيما نعلم، إلا عن طريق (اللغة). فالدّين واللّغة، منذ النشأة الأولى، متداخلان تداخلا غير قابل للفصل
محمود محمد شاكرTags: نور
وفي وقت كان فيه محمد علي الجاهل يحطّم أجنحة الأزهر، ويضعه في قفص لا يستطيع الإفلات منه، ويدبّر كل مكيدة لإسقاط هيبته وهيبة مشايخه، ويعزلهم عن جمهور الأمّة عزلا بين قضبان من حديد وجدران من الصخور= ومرّت الأيّام والسنون، وهذا الصدع يتفاقم، حتى انتهينا إلى ما نحن عليه اليوم من الانقسام والتفريق، وذهبت (الثقافة المتكاملة) في دار الإسلام في مصر أدراج الرياح.
محمود محمد شاكرTags: نور
فالأديب منّا مصوّر بقلم غيره، والفيلسوف منّا مفكّر بعقل سواه، والمؤرّخ منّا ناقد للأحداث بنظر غريب عن تاريخه، والفنّان منّا نابض قلبه بنبض أجنبيّ عن تراث فنّه.
وأمّا الثرثرة والاستخفاف، فحدّث ولا حرج، فالصبي الكبير يهزأ مزهوا بالخليل وسيبويه وفلان وفلان، ولا بعث أحدهم من مرقده، ثم نظر إليه نظرة دون أن يتكلّم، لألجمه العرق، ولصار مضغة لا تتلجلج بين فكّيه، من الهيبة وحده، علمهالذي يستخف به ويهزأ.
Tags: نور
فثقافة كل أمّة مرآة جامعة في حيّزها المحدود كل ما تشعّث وتشتّت وتباعد من ثقافة كل فرد من ابنائها على اختلاف مقاديرهم ومشاربهم ومذاهبهم ومداخلهم ومخارجهم في الحياة. وجوهر هذه المرآة هو (اللغة)، و(اللغة) و(الدين)، كما أسلفت، متداخلان تداخلا غير قابل للفصل البتّة. فباطل كل البطلان أن يكون في هذه الدنيا على ما هي عليه، (ثقافة) يمكن أن تكون (ثقافة عالمية،)،أي ثقافة واحدة يشترك فيها البشر جميعا ويمتزجون على اختلاف لغتهم ومللهم ونحلهم وأجناسهم وأوطانهم. فهذا تدليس كبير، وإنما يراد بشيوع هذه المقولة بين الناس والأمم، هدف آخر يتعلّق برفض سيطرة أمّة غالبة على أمم مغلوبة، لتبقى تبعا لها.
محمود محمد شاكرTags: نور
و(المستشرق)، كما علمت، لم يعمد إلى إفساد حق على المثقف الأوروبي المسيحي، بل عمد إلى حياطته حتى لا ينبهر بدين عدوّه المسلم انبهارا مجرّبة عاقبته على مرّ القرون الطوال بالتساقط في الإسلام.
محمود محمد شاكرTags: نور
لا تنظر الآن إلى الفرق الهائل الكائن اليوم بين الشمال المسيحي والجنوب الإسلامي، فإنّك إن فعلت ضللت عن الحقيقة، والحقيقة يومئذ أن الفرق بيننا وبينهم كان خطوة واحدة تستدرك باليقظة وبالهمّة والصبر والدأب والتصميم لا أكثر. وللعلم (الاستشراق) يومئذ بهذه الحقيقة، كانت فزعهم الأكبر.
محمود محمد شاكرTags: نور
فاقرأ الآن معي تاريخك بعين عربية بصيرة لا تغفل، لا بعين أروبية تخالطها نخوة وطنية،
محمود محمد شاكرTags: نور
Page 1 of 5.
next last »
Data privacy
Imprint
Contact
Diese Website verwendet Cookies, um Ihnen die bestmögliche Funktionalität bieten zu können.