السيد موت يرسل لي بارقة دعوة لقصره
و العشاء على جثث أصدقاء أعرفهم و أصابع شعراء أقرأ لهم
يكحل عيني برمادهم و يغسل شعري بخمرة دمائهم ويرقص (تانقو) الموت أمامي,
السيد موت أهداني في الثاني من تشرين وردة ميتة
و كتب على حائط غرفتي بطلاء أظافري الأسود
يا أمي يا أختي يا صديقتي وشطب ماسبق
وقال : أعترف إني وقعت بثورة حبك المجنون
و كتب (ياحبيبتي أغار عليكِ من عينيكِ و رئتيكِ و أصابع يديكِ)
السيد موت يدخن الأفيون بِبقايا عظام جدتي الراحلة في الثاني من تموز
و يرمقني بعينيه من خلف نافذتي كل مساء أصرخ بوجهه خذني إليك يتجاهلني
و يسرق مني من أحبهم على عجل و يرحل
كُلي يبحث عن رئتي المفقودة بأشجار مدينتك و شوارع حيك و خلف حائط منزلك
و في حضن أمك تقودني قدماي إليها في كل مره وتضج بالبكاء كثيراً كلما رأتني ربما لأني أذكرها بك وتذكرني بك نعد كؤوس الأحزان و دوارق الضجر ونبكي كلما سافرت أحاديثنا إليك نغرز إبرة الذكرى حول مسامات جلودنا الملتئمة بالجروح ونبكي نبكي بهستيريا في حفلة غارقة بِدماء الضجر أبتسم بتعذيبي لإتمامي الثالثة و العشرون موتاً بعيدًا عنك و أمك تحضر الكثير من الملح و تمرره على جروحنا الطريه ونصرخ فقداً تمتزج أوجاعنا راحلة إليك منك إلى أن نشعر بالغثيان من فرط الضجر و نسقط نقيم بين أشيائك القديمة و نعيش على ماضيك و معجزة عودتك..
أنا ثوب قديم معلقّ في مجزرة جماعية
أنا نافذة تطلّ على مقبرة كبيرة
أنا صنبور حزين وحيد في مغلسة الموتى
أنا الخيط الأول في بياض الكفن
أنا اللحظة الأخيرة مابين الحياة والموت
أنا السم القابع في عمق برجي العقرب
أنا طلاسم مبهمة في أصابع مشعوذ أسمر
أنا صراخ المجانين و نبرة الألم في حنجرة القيصر
أنا إبنة ارشيكجال الهة العالم السفلي حيث يقيمون أصدقائي الأموات هناك
انا حفيدة الثوار وسلالتي تعود لجنية ونبي يغتسل من مطر الله
و يوزع خليطًا من الثورة والسحر والجنون والحرية المفقودة تذاكر مجانية للعقلاء
تأكد فقط أن لا امرأةٌ تعشقُكَ وَتكْرهُك بِقدرِي
لاَ امرأة تتمنَّى أن تحضُنكَ و تُقبِّلَكَ و تغْرزَ السِّكّينَ في قلْبهَا و قلبكَ لتقتُلكَ و تقتُلَ الشَّيْطانَ بِداخلها سِوايَ
لا امرأة ركلت عقلها وأحبتكَ بلُغَةِ النَّار والمجانين وخارج حُدودِ عاداتِ القبيلَة والقَانُون غيْري أنَا لا امْرأة تُفتِّشُ عنْكَ في صفْحةِ الوفياتِ كلّ صباح
لترقص لموتك إلا سهام
كيف لي ياصديقي أن أوقف داء الذاكرة من الجريان في خلايا هذه الجمجمة الحمقاء؟
كيف لي أن أتحول لشجرة صنوبر قاسية صلبة لا تكترث لأيدي الفؤوس الفاشلة بكسرها؟
كيف لي أن أكف عن شراب دموعي وأكل عيني وأمتصاص وجعي عندما أشعر بالجوع والعطش الروحي؟
ولأن المقابر جميعها شاغرة أنا مدفُونةٌ هُنَا بين أشيائك القديمة الجديدة دومًا بعيني
سهام محمدهم يا صديقي يزرعون أشواك العوسج بين أشجارنا يرمون النيترو في مائنا والقنابل الناعمة في صناديق بريدنا
يكممون أفواهنا ويقيمون الحد على قلوبنا هم ياصديقي يصادرون أصابعنا للمنافي البعيدة يعلموننا
عادات الحقد المجنون ومبادئ الكراهية يقدمون لنا أصباغ الغباء مع الحليب والقهوة الصباحية يريدون
أن نكون دُمى ممتلئة بالقش يحركونها كما يشاؤون .. يُحرقون كتب الثورة والحب والفكر و يجلبون لنا
كُتب الحروب المعاقة والأقزام السبعة ينزعون قلوبنا النابضة ويستبدلونها بقلوبٍ بلاستيكيه
لا تبكي يا شقيقي
لن يشتري لك أبي بندقية حقيقية
تصطاد بها نجمة هاربة وغزال شارد
كي تقتل حمامة السلام
ستصبح طفلًا كبيرًا بعد عدة أعوام
و تسير في زحام المبعثرين
ويهديك الوطن إجباريًا بندقية كبيرة
وباقة خيبة وقبر تدفن بداخله أحلامك بالمجان
لا تبكي يا صغيري..
حبيبي خذني إلى وطن لاتذروه الرياح
إلى وطن لا يصلب العشاق على الأبواب
إلى وطن يقدر الحب قبل الخبز و دجل النزوات
إقتحم حدود ضفتي و بعثر مابداخلي بكل وحشية و إنبهار
إضحك لِتوقظ عصافير تشرين الميتة من سباتها الربيعي
تحدث لِتتساقط النجوم من بين دهشة شفتيك كمطر من نبيذ
أحرق عقارب الثواني و قطارات الأنتظار و حواجز مدينتنا الراهبة
التحم بِأساور معصمي إستحضرني بمعلقة عارية من كل القيود
لِـ أنتعل جنونك فوق أرصفة العزلة الباردة
و أتلبسك بشياطيني و ملائكتي بأرضي و عالمي..
لا تستغرب لو قالت لك أنني ولدت ولم أبكي كما يفعل جميع مواليد الدنيا لاتستغرب لو قالت لك أنني ولدت وأنا أضحك بسخرية وأبصق على هذه الحياة وتوسلت للطبيبة التي سحبتني من المشيمة ببطء وعينيها معلقة على ساعة معصمها وقلبها ينبض شوقًا للمغادرة إلى حبيبها الغائب منذ حرب الخليج الثانية,أتعلم لازلت أتذكر رائحة طلاء أظافرها الأحمر وقميصها الأبيض المنقط بالبنفسج توسلت إليها كثيرًا أن تعيدني لدفء رحم أمي بعيدًا عن أنياب الحياة الغاضبة لكنها تكاسلت كما يتكاسل جميع العرب في أداء أعمائلهم ودفعت أنا ضريبة ذلك لعنتها كثيرًا بالخفاء ومات حبيبها في طريق العودة قبل أن يقبل يديها الملطخة بدماء قدومي الأسود وأنتحرت هي من فاجعة الصدمة في اليوم التالي شنقًا,هي أيضًا تقيم بالبرزخ معكم أخبرها أني لم أنفذ وصية جدتي بأن أكون طبيبة أشبهها وأني أحرقت وصيتها كما تحرق فتاة شرقية رسائل حبيبها الخائن فلا أريد أن أرتكب إثمًا كما أرتكبت هي أكبر الاّثام بولادتي لا أريد أن أسجل أسماء للقادمين لهذه الأرض الملغمة بالتفاهة والبؤس والجوع والحماقات وكل التفاصيل القبيحة
سهام محمدPage 1 of 4.
next last »
Data privacy
Imprint
Contact
Diese Website verwendet Cookies, um Ihnen die bestmögliche Funktionalität bieten zu können.