إني أفهم الآن موقف آدم عقب اخراجه من جنة السماء ، إني أتخيله قد لبث - بغير حراك – في الموضع الذي هبط فيه ، ومرت به ليال وأيام وهو ينظر إلي السماء ، يرقب كل حركة فيها : إذا رعدت ؛ فهو صوت أبوابها ، تفتح لتناديه من جديد ، وإذا لمع البرق ؛ فهي ابتسامة رضا قد يعقبها انفراج المحنة ، وإذا تساقطت الشهب ؛ فهي همسات غضب ما زال قائما ، وإذا استدار البدر ؛ فهو شفيع وبشير بعودة الهناء القديم ... وكر الزمن وآدم يتمرغ في مكانه بين اليأس والرجاء ، عند ذلك المهبط من الأرض ، يمسح وجهه بأعتاب النعيم ، إلي أن انتزعته غريزة الحياة من هذا القنوط الطويل ، وأرغمته على النهوض ، فقام يدب في الأرض ، ويعيش كما تعيش الأحياء من المخلوقات .

Author: توفيق الحكيم

إني أفهم الآن موقف آدم عقب اخراجه من جنة السماء ، إني أتخيله قد لبث - بغير حراك – في الموضع الذي هبط فيه ، ومرت به ليال وأيام وهو ينظر إلي السماء ، يرقب كل حركة فيها : إذا رعدت ؛ فهو صوت أبوابها ، تفتح لتناديه من جديد ، وإذا لمع البرق ؛ فهي ابتسامة رضا قد يعقبها انفراج المحنة ، وإذا تساقطت الشهب ؛ فهي همسات غضب ما زال قائما ، وإذا استدار البدر ؛ فهو شفيع وبشير بعودة الهناء القديم ... وكر الزمن وآدم يتمرغ في مكانه بين اليأس والرجاء ، عند ذلك المهبط من الأرض ، يمسح وجهه بأعتاب النعيم ، إلي أن انتزعته غريزة الحياة من هذا القنوط الطويل ، وأرغمته على النهوض ، فقام يدب في الأرض ، ويعيش كما تعيش الأحياء من المخلوقات . - توفيق الحكيم




©gutesprueche.com

Data privacy

Imprint
Contact
Wir benutzen Cookies

Diese Website verwendet Cookies, um Ihnen die bestmögliche Funktionalität bieten zu können.

OK Ich lehne Cookies ab