للمفارقة, غالباً ما يلتقي العلمانيون المتطرفون وخصومهم من المتدينين الذين يطلق عليهم اسم "الأصوليين" في هذا التجاهل للدين الحقيقي الاجتماعي القائم.
في حالة الإسلام مثلاً نجد أن ما يجمع الإسلاميين المتطرفين وخصومهم على حد سواء هو تجاهل واقع الإسلام في حقيقته الأنثروبولوجية, أي كما يمارسه المسلمون بشكل عيني, أي باعتباره حقيقة عينية على الأرض. فهؤلاء ينفون الشرعية الإسلامية عنه, ويدّعون أنه ليس الإسلام الحقيقي الصالح, ويقفزون عنه إلى عقيدة أخرى غير الاسلام المعيش الذي اصطلح عليه المسلمون, أو يصطلحون عليه. والآخرون يدّعون أنه من عناصر الفساد والتخلف أو يدّعون أنه مجموعة خرافات وأباطيل, أو يقللون بالمجمل من أهميته ويعتبرون تضخيمها أمرا مصطنعا.
أدى ذلك عملياً إلى اهمال دراسة التدين الشعبي والتدين عموماً في واقع المجتمعات الإسلامية, كما أدى إلى تجنب دراسة دوره الفعلي الواقعي في المجتمع والأخلاق والسياسة. ويتحمل مسؤولية هذا الإهمال أصحاب الفكر الإسلامي وأصحاب الفكر العلماني على حد سواء.
Author: عزمي بشارة