ربما بعدما رأيت فداحة الواقع , صرت أكثر تفهما لوالدي , لتظلّله في الرفض والعزلة . فهمت خوفه علي لأني أدركت أنه كان يعرف أننا ممنوعون عن الأحلام والحياة , فاختار الموت الحي لأن الموت الآخر قادم عاجلا أم آجلا .
كان يعرف أن الأسوار تنهار , وأن المخططات تفشل , وأن الأحزان تفترس الكيان , وأن الشر ينتصر , ويموت الأصدقاء , ويحمل الآباء دماء أبنائهم إن أطلقوهم إلى الخارج , وأن خيانة الذات تتحول إلى نمط للعيش , وان الصور تكذب , وأن النصر ليس قدرا , وأنه ممنوع عن مدينته المظلمة التى أدمنت الكآبة.
ربما كان جزء من إيمانه بإلحاده موروثا
عن قيم تنص أن من لا يعرف الإله الذي اختاره أهل المدينة , لا يعرف إلها آخر , ولا يكون سوى رسول الشيطان في المدينة , وجد والدي نفسه رهينة الخوف من الخوف , وأسير الخيبة ,وحكم مسبقا على ظلام مستقبلنا . لم يخبرني يوما أن الأخطاء هي جزء من الحياة , بل أشعرني مرارا أن الزمن يتوقف عند أول خيبة , لندور في محورها خاشعين .

Author: جنى فواز الحسن

ربما بعدما رأيت فداحة الواقع , صرت أكثر تفهما لوالدي , لتظلّله في الرفض والعزلة . فهمت خوفه علي لأني أدركت أنه كان يعرف أننا ممنوعون عن الأحلام والحياة , فاختار الموت الحي لأن الموت الآخر قادم عاجلا أم آجلا .<br />كان يعرف أن الأسوار تنهار , وأن المخططات تفشل , وأن الأحزان تفترس الكيان , وأن الشر ينتصر , ويموت الأصدقاء , ويحمل الآباء دماء أبنائهم إن أطلقوهم إلى الخارج , وأن خيانة الذات تتحول إلى نمط للعيش , وان الصور تكذب , وأن النصر ليس قدرا , وأنه ممنوع عن مدينته المظلمة التى أدمنت الكآبة.<br />ربما كان جزء من إيمانه بإلحاده موروثا <br />عن قيم تنص أن من لا يعرف الإله الذي اختاره أهل المدينة , لا يعرف إلها آخر , ولا يكون سوى رسول الشيطان في المدينة , وجد والدي نفسه رهينة الخوف من الخوف , وأسير الخيبة ,وحكم مسبقا على ظلام مستقبلنا . لم يخبرني يوما أن الأخطاء هي جزء من الحياة , بل أشعرني مرارا أن الزمن يتوقف عند أول خيبة , لندور في محورها خاشعين . - جنى فواز الحسن


©gutesprueche.com

Data privacy

Imprint
Contact
Wir benutzen Cookies

Diese Website verwendet Cookies, um Ihnen die bestmögliche Funktionalität bieten zu können.

OK Ich lehne Cookies ab