منذ أكثر من مائة عام، والعالم، عالمنا، يموت. وخلال هذه المائة عام أو نحوها لم يظهر رجل واحد يكون من الجنون ما يجعله بحشر قنبلة في طيز الخليقة وينسفها. العالم يتعفّن، يموت على مهل. لكنه يحتاج إلى Coup de grase الضربة القاضية، يحتاج إلى أن يُنسَف شذر مذر. ليس بيننا واحد سليم، ومع ذلك نحمل داخلنا كل القارات والبحار التي تفصل بينها وطيور الجو. سندوّنه -أقصد تطور العالم الذي مات ولم يُدفن بعد. نحن نسبح على سطح الزمن وكل ما عدانا غرق، أو يغرق، أو سيغرق. سيكون الكتاب هائلاً. ستكون هناك محيطات من الفراغ نتجوّل فيها، نجتاز المسافات، نغني، نرقص، نتسلق، نستحم، نتشقلب، ننتحب، نغتصب، نقتل. سيكون كاتدرائية، كاتدرائية حقيقية، داخل بنائها يساعد الجميع كل من فقد ذاته. ستكون قداديس تٌقام على أرواح الأموات، وصلوات، واعترافات، وتراتيل، أنين وثرثرة، نوع من اللامبالاة الإجرامية، ستكون هناك نوافذ وردية وغارغويلات وقندلفتات وحاملو بساط الرحمة. وبإمكانك أن تُدخِل أحصنتك وتخبّ بها متجولاً بين الأجنحة. بإمكانك أن تنطح رأسك الجدران -فلن تتهدّم. بإمكانك أن تصلي بأية لغة تختارها، أو أن تلتف حول نفسك وتستغرق في النوم. هذه الكاتدرائية ستخلد ألف عام، على الأقل، ولن تكون هناك نسخة مطابقة لها، فسيكون البناؤون قد ماتوا كذا التصمامي. وسنطبع بطاقات بريدية وننظم جولات سياحية. وسنبني بلدة حولها وننشئ كوميونا حرًا. لا حاجة لنا إلى العبقرية -فالعبقرية قد فنيت. نحن بحاجة إلى أيد قوية، إلى أنس يتخلّون عن الروح ليستبدلوها باللحم.

Author: Henry Miller