لُذت بالصمت، فلم يعد عندي ما أقوله، لم يعد عندي أجوبة على أي من الاسئلة التي يواجهها المرء في يومه. هل هذا جيد أم سيئ؟ هل يجب تأييد هذا أم ذاك؟ هل تختار هذا أم ذاك؟ لم أعُد أدري كيف أختار. ما أدراني ما سوف يقود إليه هذا الاختيار ؟
لعل كل ما آمنت به مجرد نظريات لا تتفق وطبائع البشر في الحياة الحقيقية. كلام كتب عن الحرية وعن المساواة، أما في الواقع فينتهي الأمر بالناس وهي تتقاتل على النفوذ والسيطرة. من قال إن المساواة بين البشر ممكنة ؟ من قال إن العدالة ممكنة ؟ ومن قال إن الإصلاح الاجتماعي ممكن ؟ إن رضي الناس بالفوضى ، أو بالظلم، أو بالتمييز فيما بينهم، أو بالتدهور في أحوالهم، فلم يأتي أحد ويحاول تغييرهم رغماً عنهم ؟
صحيح أن الناس يطالبون بالحرية والمساواة والإصلاح، لكن ربما كانت هذه المطالب مجرد كلام يقوله الناس للتسرية عن أنفسهم دون أن يكونوا على استعداد لدفع ثمنها. قد يكون هذا هو الأمر: ليس الناس على استعداد لدفع ثمن ما يطلبونه، وسواء كانوا يعلمون بذلك أو لا فالواجب يقتضي عدم الاستجابة لمطالبهم، حماية لهم، والتظاهر بالعمل على الاستجابة لهم كيلا يشعروا بالإحباط. هي لعبة من التظاهر المتبادل بين الحاكم والمحكوم.