خطبة الهندي الأحمر ---الجزء الاول
إذًا، نحن من نحن في المسيسبّي. لنا ما تبقّى لنا من الأمس
لكنّ لون السّماء تغيّر، والبحر شرقًا
تغيّر، يا سيّد البيض! يا سيّد الخيل، ماذا تريد
من الذّاهبين إلى شجر اللّيل?
عاليةٌ روحنا، والمراعي مقدّسةٌ، والنّجوم
كلامٌ يضيء... إذا أنت حدّقت فيها قرأت حكايتنا كلّها:
ولدنا هنا بين ماءٍ ونارٍ... ونولد ثانيةً في الغيوم
على حافّة السّاحل اللاّزورديّ بعد القيامة... عمّا قليل
فلا تقتل العشب آكثر، للعشب روحٌ يدافع فينا
عن الرّوح في الأرض /
يا سيّد الخيل! علّم حصانك أن يعتذر
لروح الطّبيعة عمّا صنعت بأشجارنا:
آه! يا أختي الشّجرة
لقد عذّبوك كما عذّبوني
فلا تطلبي المغفرة
لحطّاب أمّي وأمّك...
2
... لن يفهم السّيّد الأبيض الكلمات العتيقه
هنا، في النّفوس الطّليقة بين السّماء وبين الشّجر...
فمن حقّ كولومبوس الحرّ أن يجد الهند في أيّ بحر،
ومن حقّه أن يسمّي أشباحنا فلفلاً أو هنودا،
وفي وسعه أن يكسّر بوصلة البحر كي تستقيم
وأخطاء ريح الشّمال، ولكنّه لا يصدّق أنّ البشر
سواسيّةٌ كالهواء وكالماء خارج مملكة الخارطة!
وأنّهم يولدون كما تولد الناس في برشلونة، لكنّهم يعبدون
إله الطّبيعة في كلّ شيءٍ... ولا يعبدون الذّهب...
وكولومبوس الحرّ يبحث عن لغةٍ لم يجدها هنا،
وعن ذهبٍ في جماجم أجدادنا الطّيّبين وكان له
ما يريد من الحيّ والميت فينا. إذًا
لماذا يواصل حرب الإبادة، من قبره، للنّهاية?
ولم يبق منّا سوى زينةٍ للخراب، وريشٍ خفيفٍ على
ثياب البحيرات. سبعون مليون قلبٍ فقأت... سيكفي
ويكفي، لترجع من موتنا ملكًا فوق عرش الزمان الجديد...
أما آن أن نلتقي، يا غريب، غريبين في زمنٍ واحدٍ?
وفي بلدٍ واحدٍ، مثلما يلتقي الغرباء على هاوية?
لنا ما لنا... ولنا ما لكم من سماء
لكم ما لكم... ولكم ما لنا من هواءٍ وماء
لنا ما لنا من حصًى... ولكم ما لكم من حديد
تعال لنقتسم الضّوء في قوّة الظّلّ، خذ ما تريد
من اللّيل، واترك لنا نجمتين لندفن أمواتنا في الفلك
من اللّيل، واترك لنا نجمتين لندفن أمواتنا في الفلك
وخذ ما تريد من البحر، واترك لنا موجتين لصيد السّمك
وخذ ذهب الأرض والشّمس، واترك لنا أرض أسمائنا
وعد، يا غريب، إلى الأهل... وابحث عن الهند /
3
... أسماؤنا شجرٌ من كلام الإله، وطيرٌ تحلّق أعلى
من البندقيّة. لا تقطعوا شجر الاسم يا أيّها القادمون
من البحر حربًا، ولا تنفثوا خيلكم لهبًا في السّهول
لكم ربّكم ولنا ربّنا، ولكم دينكم ولنا ديننا
فلا تدفنوا اللّه في كتبٍ وعدتكم بأرضٍ على أرضنا
كما تدّعون، ولا تجعلوا ربّكم حاجبًا في بلاط المل
Auteur: Mahmoud Darwish