يترسخ عندى مع مرور الوقت انطباع أن الطغاة جنس واحد متناسخ يشبه بعضهم بعضا، وتماهى ردود أفعالهم كالسمك فكلهم يخنقه الهواء الذى نتنفسه، ويحبون أن يعيشوا فى مكان نختنق نحن فيه، وكلهم عيونهم على جنوب رءوسهم لا ينظرون للأمام، بل لأعدائهم من اليمين واليسار، وكلهم كثير النسل من غير ولده، تضع السمكة بيضا ولا زوج لها، ثم يلقح الذكر البيض، فالبيض ليس له إنما يصير له، كالبرىء يأخذه حزب حاكم فيضعه فى من أمثاله فى ويمر عليهم الطاغى مرورا فتبهرهم سلطته وزعانفه، والزعنفة فى الغة التابع، فيكبرون ليشبهوه، وقد يأكل الطاغى بعضهم، وقد يأكله بعضهم، ولهم جميعا نفس الرائحة.