إذا مشيت في شوارع المدينة أزعجتني مناظر كثيرة، وبعضها كان كالخناجر تطعنني في الصميم، فهذا الضابط الكبير في الجيش ـ لماذا يتبختر في مشيته كأن له ديناً في ذمة الكون؟ ألعله يعتز بالسيف على جنبته أم برنّة مهمازيه؟ وأي خدمة تراه يسديها إلى العالم؟ إنه يتعلم ويعلم فنّ تقتيل الناس وتدمير العامر من مساكنهم ومزارعهم. إنه لا ينتج أي خير. فبأي حق يتجبر ويتكبر؟ وتلك السيدة الملتفة بالأطالس، المتوجة ببرنيطة مثقلة بريش النعام، والجالسة بمنتهى الأبهة والاعتزاز في مركبة تجرها ثلاثة جياد مطهمة ـ من أين أطالسها وريش النعام في برنيطتها؟ ومن أين جيادها؟ وكيف لا تخجل من أن تعرضها على أولئك الذين أبدانهم في الأسمال، وجوههم لا تعرف الصابون؟ وهذه المخازن الفخمة تشع في واجهاتها المجوهرات ـ أي نفع منها للجياع والعطاش والمهانين والمقهورين وجميع الذين لا قدرة لهم على التمتع بشيء من محتوياتها؟ إن عقداً واحداً فيها، أو سواراً، أو قرطاً، أو خاتماً قد يطعم ألف جائع، أو يكسو ألف عريان، أو يبتاع الدواء لألف مريض.
فكم لعنق سيدة واحدة، أو لمعصمها، أو لشحمة أذنها، أو لخنصرها أن تستأثر بمثل تلك الثروة، وأن يكون لها من الشأن ما ليس لآلاف الآدميين؟

Autore: Mikhail Naimy

إذا مشيت في شوارع المدينة أزعجتني مناظر كثيرة، وبعضها كان كالخناجر تطعنني في الصميم، فهذا الضابط الكبير في الجيش ـ لماذا يتبختر في مشيته كأن له ديناً في ذمة الكون؟ ألعله يعتز بالسيف على جنبته أم برنّة مهمازيه؟ وأي خدمة تراه يسديها إلى العالم؟ إنه يتعلم ويعلم فنّ تقتيل الناس وتدمير العامر من مساكنهم ومزارعهم. إنه لا ينتج أي خير. فبأي حق يتجبر ويتكبر؟ وتلك السيدة الملتفة بالأطالس، المتوجة ببرنيطة مثقلة بريش النعام، والجالسة بمنتهى الأبهة والاعتزاز في مركبة تجرها ثلاثة جياد مطهمة ـ من أين أطالسها وريش النعام في برنيطتها؟ ومن أين جيادها؟ وكيف لا تخجل من أن تعرضها على أولئك الذين أبدانهم في الأسمال، وجوههم لا تعرف الصابون؟ وهذه المخازن الفخمة تشع في واجهاتها المجوهرات ـ أي نفع منها للجياع والعطاش والمهانين والمقهورين وجميع الذين لا قدرة لهم على التمتع بشيء من محتوياتها؟ إن عقداً واحداً فيها، أو سواراً، أو قرطاً، أو خاتماً قد يطعم ألف جائع، أو يكسو ألف عريان، أو يبتاع الدواء لألف مريض.<br />فكم لعنق سيدة واحدة، أو لمعصمها، أو لشحمة أذنها، أو لخنصرها أن تستأثر بمثل تلك الثروة، وأن يكون لها من الشأن ما ليس لآلاف الآدميين؟ - Mikhail Naimy




©gutesprueche.com

Data privacy

Imprint
Contact
Wir benutzen Cookies

Diese Website verwendet Cookies, um Ihnen die bestmögliche Funktionalität bieten zu können.

OK Ich lehne Cookies ab