هذا هو الأصل في أن نقد العلمنة الذي تتولاه التيارات الأصولية يتضمن دائماً نقداً للمؤسسة الدينية من الحركات الأصولية, بغض النظر عن نوع الانتقادات العينية التي تساق ضدها. فالأصوليون في كل مرحلة يشعرون ويتصرفون تجاه المؤسسة الدينية, بوعي أو دون وعي, كأنها تجسيد لحالة انفصال المقدس عن العالم, وطبعاً قبل أن يدركوا ان غضبهم ذاته, وهو ما أكنيه انفعالاً تاريخياً, يشكل تجسيداً لهذا الانفصال أيضاً.
من هنا فإن ردة الفعل الرافضة للفصل تشمل في نقدها عادة المؤسسة الدينية باعتبارها مؤسسة بغض النظر عن الحجج التي تساق عن فسادها أو انشغالها بالمظاهر, وابتعادها عن جوهر الدين, واستخدام الدولة لها. فالمؤسسة الدينية هي تجسيد لانفصال المقدس عن الدنيوي إلى درجة الاستكانة لفكرة "فصل الدين عن الدولة".
Autore: عزمي بشارة