وما كان يخفيان آنذاك أعضاءهما الغامضة

إذ لم يكن خجل الذنب قد ولد بعد , وهو الخجل الكاذب

من بدائع الطبيعة – أواه أيها الشرف الكاذب

يا ربيب الخطيئة ! لكم كدرت البشرية جمعاء

وشغلتها بالمظهر – مظهر الطهر الكاذب –

وأقصيت من حياة الإنسان أهنأ حياة له – حياة

البساطة والبراءة النقية !

كانا يسيران عاريين , ولم يتجنبا عيون

إله أو ملاك , إذ لم يخطر الشر ببالهما

وسارا وقد تشابكت أيديهما فكانا أجمل اثنين

يلتقيان منذ ذلك الحين فى أحضان الحب .

كان آدم أوسم الرجال الذين ولدوا من بعده فكانوا

أبناءه وكانت حواء أجمل بناتها .

وعلى الأرض الخضراء , تحت بعض الأفنان الظليلة

التى تتمايل فتهمس همساتها الناعمة بجوار نبع عذب ,

جلسا يستريحان بعد عناء يوم قضياه

فى العمل الهانئ بالحديقة , زاد من

استمتاعهما بالنسائم الباردة , وزاد من إحساسهما

بالراحة , ومن لذة عطش الأصحاء وشهيتهم ,

فاخذا يتناولان عشاءهما من الفاكهة .

فاكهة ذات رحيق ربانى تحملها الغصون الريانة

وتلقى بها إليهما بينما يسترخيان على

ربوة مكسوة بالزغب الناعم موشاة بالزهور !

كانا يأكلان لب الثمرة ثم ينتهيان إلى القشرة

فيملآنها بالماء من الجدول الرقراق لرى ظمأهما !

كان حديثهما مهذبا وبسماتهما حلوة

وملاطفات الشباب ومداعباته تليق

بالجميلين اللذين ربط بينهما رباط الزواج السعيد

فى وحدتهما . ومن حولهما تتواثب فى مرح

كل دواب الأرض التى استوحشت بعد ذلك , وسكنت كل مكان

فى الغاب والبرية , فى الأجمة والعرين .

كان الأسد يلهو فينهض على مؤخرته وفى يده

يلعب الجدى ! أما الفيل ثقيل الحركة

فيضحكهما باستخدام كل قوته , وتكوين حلقة كاملة

من خرطومه الضخم اللين . وبالقرب منهما كان الثعبان الماكر

يشق طريقه وقد صنع من ذيله عقدة عويصة

ضفرها تضفيرا ! كان يستعرض خبثه القاتل

ويمثل له فلا يلتفتان إليه ! أما سائر الحيوانات فعلى الكلأ

استلقت , وبعد امتلاء بطونها بخير المرعى اتكأت تنظر

أو كانت تجتر طعامها قبيل الرقاد . فالشمس تميل الآن

وتسرع فى فلكها المنحدر

نحو جزائر المحيط , والنجوم فى برج الميزان الصاعد

فى السماء تشرق لتعلن قدوم المساء .

Autore: John Milton

وما كان يخفيان آنذاك أعضاءهما الغامضة<br /><br />إذ لم يكن خجل الذنب قد ولد بعد , وهو الخجل الكاذب<br /><br />من بدائع الطبيعة – أواه أيها الشرف الكاذب<br /><br />يا ربيب الخطيئة ! لكم كدرت البشرية جمعاء<br /><br />وشغلتها بالمظهر – مظهر الطهر الكاذب –<br /><br />وأقصيت من حياة الإنسان أهنأ حياة له – حياة<br /><br />البساطة والبراءة النقية !<br /><br />كانا يسيران عاريين , ولم يتجنبا عيون<br /><br />إله أو ملاك , إذ لم يخطر الشر ببالهما<br /><br />وسارا وقد تشابكت أيديهما فكانا أجمل اثنين<br /><br />يلتقيان منذ ذلك الحين فى أحضان الحب .<br /><br />كان آدم أوسم الرجال الذين ولدوا من بعده فكانوا<br /><br />أبناءه وكانت حواء أجمل بناتها .<br /><br />وعلى الأرض الخضراء , تحت بعض الأفنان الظليلة<br /><br />التى تتمايل فتهمس همساتها الناعمة بجوار نبع عذب ,<br /><br />جلسا يستريحان بعد عناء يوم قضياه<br /><br />فى العمل الهانئ بالحديقة , زاد من<br /><br />استمتاعهما بالنسائم الباردة , وزاد من إحساسهما<br /><br />بالراحة , ومن لذة عطش الأصحاء وشهيتهم ,<br /><br />فاخذا يتناولان عشاءهما من الفاكهة .<br /><br />فاكهة ذات رحيق ربانى تحملها الغصون الريانة<br /><br />وتلقى بها إليهما بينما يسترخيان على<br /><br />ربوة مكسوة بالزغب الناعم موشاة بالزهور !<br /><br />كانا يأكلان لب الثمرة ثم ينتهيان إلى القشرة<br /><br />فيملآنها بالماء من الجدول الرقراق لرى ظمأهما !<br /><br />كان حديثهما مهذبا وبسماتهما حلوة<br /><br />وملاطفات الشباب ومداعباته تليق<br /><br />بالجميلين اللذين ربط بينهما رباط الزواج السعيد<br /><br />فى وحدتهما . ومن حولهما تتواثب فى مرح<br /><br />كل دواب الأرض التى استوحشت بعد ذلك , وسكنت كل مكان<br /><br />فى الغاب والبرية , فى الأجمة والعرين .<br /><br />كان الأسد يلهو فينهض على مؤخرته وفى يده<br /><br />يلعب الجدى ! أما الفيل ثقيل الحركة<br /><br />فيضحكهما باستخدام كل قوته , وتكوين حلقة كاملة<br /><br />من خرطومه الضخم اللين . وبالقرب منهما كان الثعبان الماكر<br /><br />يشق طريقه وقد صنع من ذيله عقدة عويصة<br /><br />ضفرها تضفيرا ! كان يستعرض خبثه القاتل<br /><br />ويمثل له فلا يلتفتان إليه ! أما سائر الحيوانات فعلى الكلأ<br /><br />استلقت , وبعد امتلاء بطونها بخير المرعى اتكأت تنظر<br /><br />أو كانت تجتر طعامها قبيل الرقاد . فالشمس تميل الآن<br /><br />وتسرع فى فلكها المنحدر<br /><br />نحو جزائر المحيط , والنجوم فى برج الميزان الصاعد<br /><br />فى السماء تشرق لتعلن قدوم المساء . - John Milton


©gutesprueche.com

Data privacy

Imprint
Contact
Wir benutzen Cookies

Diese Website verwendet Cookies, um Ihnen die bestmögliche Funktionalität bieten zu können.

OK Ich lehne Cookies ab