اعتقال القاتل و القتيل معا
...ها انا انتهي كالعادة
مع رجلين
احدهما كنت احبه
و الآخر صرت اكرهه
و كلاهما أنت!..
**
لقد انتصب جدار
بيني و (بينكما)
عبثا احطمه
بمعول التفاؤل الزجاجي
***
آه ماذا تقول ( لكما)
من قلبها موجة ملونة
استسلمت لمراكب الرياح النارية
آه ماذا تقول ( لكما)
من نسيت ان الحب
حفنة غبار مضيء
على شاطىء رمال الزمن
عبثا نعتقله بين الأصابع
كطفل بريد امتلاك حفنة رمل في يده...
و لأنه يشدد قبضته عليها
تنزلق من بين تنهدات اصابعه...
***
و ها انا انتهي كالعادة
مع رجلين
رجل خذلني
و رجل خذلته
و كلاهما انت ...
رجل قتلني
و رجل قتلته
و كلاهما انت
رجل احببته
و رجل كرهته
و كلاهما انت
***
و ها انا من جديد
وحيدة و معزولة
و يتدفق من عروقي
دم اخضر
كنزف غابات تتوجع
على امتداد الافق
دونما نهاية ...
و عبثا اعمر بيت سكيني
بهدوء النملة
و عبثا الملم ذاتي الممزقة ( بينكما)
***
.. و ها انا انتهي كالعادة
مع رجلين
احدهما كنت احبه
و الآخر صرت اكرهه
و كلاهما انت!..
***
اطوف في خرائب حبنا
و الزمن كلب يعوي في اثري
و يطاردني ناهشا اطراف ذاكرتي...
و البلابل المعدنية
تزعق بحناجرها النارية المنصهرة
و الفرح يولي الادبار ..
و اكاد اعلق في صنارة الشوق
و اتدلى منها في شحوب الغابة
مثل مشنوق على شجرة الفجر
***
و تطلع الي من رئتي
فيموت الانتحار منتحرا!..
***
لكن نجوم النسيان الخضراء
تسارع لتنبت بارضي المحروقة
و اخلعك عني
كما تخلع الافعى ما كان بعضها
و انضوك عني
كما ينضو الجريح كفنه وقت الغروب
ليرتدي شمس الغد
***
وداعا لرعبي من عذوبة احدكما
و شراسة الآخر ...
وداعا لسحر احدكما
لمسة الموت الخاطف للآخر!
***
وداعا حنان الدفء الربيعي
يعقبه العنف الصقيعي البارد
و عنف المناخات اللانسانية
و الصمت المشحون العدواني
الصمت الصراخي الفتاك
وداعا ايها السيدان معا: القتيل و القاتل ....

Autore: غادة السمان

اعتقال القاتل و القتيل معا <br />...ها انا انتهي كالعادة <br />مع رجلين<br />احدهما كنت احبه<br />و الآخر صرت اكرهه<br />و كلاهما أنت!..<br />**<br />لقد انتصب جدار <br />بيني و (بينكما)<br />عبثا احطمه<br />بمعول التفاؤل الزجاجي<br />***<br />آه ماذا تقول ( لكما)<br />من قلبها موجة ملونة<br />استسلمت لمراكب الرياح النارية <br />آه ماذا تقول ( لكما)<br />من نسيت ان الحب <br />حفنة غبار مضيء<br />على شاطىء رمال الزمن <br />عبثا نعتقله بين الأصابع<br />كطفل بريد امتلاك حفنة رمل في يده...<br />و لأنه يشدد قبضته عليها <br />تنزلق من بين تنهدات اصابعه...<br />***<br />و ها انا انتهي كالعادة <br />مع رجلين<br />رجل خذلني <br />و رجل خذلته<br />و كلاهما انت ...<br />رجل قتلني<br />و رجل قتلته<br />و كلاهما انت<br />رجل احببته<br />و رجل كرهته<br />و كلاهما انت <br />***<br />و ها انا من جديد<br />وحيدة و معزولة <br />و يتدفق من عروقي <br />دم اخضر<br />كنزف غابات تتوجع<br />على امتداد الافق<br />دونما نهاية ...<br />و عبثا اعمر بيت سكيني<br />بهدوء النملة <br />و عبثا الملم ذاتي الممزقة ( بينكما)<br />***<br />.. و ها انا انتهي كالعادة <br />مع رجلين <br />احدهما كنت احبه <br />و الآخر صرت اكرهه<br />و كلاهما انت!..<br />***<br />اطوف في خرائب حبنا<br />و الزمن كلب يعوي في اثري<br />و يطاردني ناهشا اطراف ذاكرتي...<br />و البلابل المعدنية<br />تزعق بحناجرها النارية المنصهرة<br />و الفرح يولي الادبار ..<br />و اكاد اعلق في صنارة الشوق <br />و اتدلى منها في شحوب الغابة <br />مثل مشنوق على شجرة الفجر<br />***<br />و تطلع الي من رئتي<br />فيموت الانتحار منتحرا!..<br />***<br />لكن نجوم النسيان الخضراء<br />تسارع لتنبت بارضي المحروقة <br />و اخلعك عني<br />كما تخلع الافعى ما كان بعضها<br />و انضوك عني <br />كما ينضو الجريح كفنه وقت الغروب <br />ليرتدي شمس الغد<br />***<br />وداعا لرعبي من عذوبة احدكما<br />و شراسة الآخر ...<br />وداعا لسحر احدكما <br />لمسة الموت الخاطف للآخر!<br />***<br />وداعا حنان الدفء الربيعي<br />يعقبه العنف الصقيعي البارد<br />و عنف المناخات اللانسانية<br />و الصمت المشحون العدواني<br />الصمت الصراخي الفتاك<br />وداعا ايها السيدان معا: القتيل و القاتل .... - غادة السمان




©gutesprueche.com

Data privacy

Imprint
Contact
Wir benutzen Cookies

Diese Website verwendet Cookies, um Ihnen die bestmögliche Funktionalität bieten zu können.

OK Ich lehne Cookies ab