تحقق السحر، وتحولت الفاصوليا إلى شجرة هائلة تطعن كبد السماء، تناطح السحب، وتحمل المرء إلى عالم آخر، حيث العمالقة، والدجاجات التي تبيض ذهباً، وأكياس النقود التي لا تنضب، والموسيقى الكونية التي تفتن الألباب..
في المرة الأولى، سرق "سام " أموال العملاق لأنه كان مفلساً وجائعاً.
في المرة الثانية، سرق " سام " دجاجة العملاق التي تبيض ذهباً، لأنه كان فضولياً وجشعاً..
في المرة الثالثة، سرق " سام " الآلة الموسيقية المفضلة لدى العملاق، لأنه ظنّ بأنه أحق بها من الآخر، كيف لا .. وهو الفتى الوسيم، والآخر مجرد عملاق قبيح؟
ولما طارد العملاق " سام " لكي يستعيد منه مسروقاته، قطع "سام" ساق الشجرة السحرية، فانكب العملاق على وجهه بطول المسافة بين السماء والأرض، وسقط صريعاً .. لأنه كان ( أيْ سام ) قاتلاً.
وهكذا، تخلص العالم من العملاق الشرير، الذي أخطأ خطأً جسيماً.. وطالب بحقوقه!
اتكوّر علىّ، مثل نطفة نسيت ان تنمو، كما الاشياء المنسية ابداً، التافهة ابداً، كما الأصفار أبدية الاستدارة، تدور حول نفسها...تبحث عن قيمة! كما الكرة الارضية صفر عملاق مخبول يطارد نفسه، أنطفىء بأعين تلتقط الوجوه و تلقى بها فى الذاكرة جزافاً...
بثينة العيسىتشعر الكاتبة الأنثى بوجود احتفاء مبالغ به بتجربتها عند دخولها إلى الساحة الثقافية أو الأدبية، ما سبب هذا الاحتفاء؟ هل هو الموهبة وحدها؟ أم أن الأنوثة صارت جزءًا من معالم النص النسائي التي يسيل لها لعاب المجتمع تلقائيًا؟ ما الذي تستهدفه المانشيتات في اللقاءات الصحفية مع أي امرأة من أي مجال معرفي أو إبداعي؟ الإغواء والغيرة بين الفنانات وعمليات التجميل وجميع مكونات "الحريم" الشرقي الذي خلنا أننا تخلصنا من ترسباته إلى الأبد؟
بثينة العيسىقضيتي الأولى - على الأرجح - هي أن يكف العالم عن تشريط جسده وتقسيمه بين مركز وهامش، وسائد ومتنحي، ونسق ذكوري ونسق أنثوي، سواء وقع هذا التقسيم بين ذكر وأنثى، أو أبيض وأسود، أو عربي وأعجمي. قضيتي الأولى هي رفض العنصرية بكل أشكالها، ومن الطبيعي أن يكون تركيزي على العنصرية الممارسة ضد المرأة بحكم أنني - بموجب أنوثتي وشرقيتي - أتعرض لها طوال الوقت وأراها تعشش في جغرافيا وطني بجدارة.
بثينة العيسىإن كل شيءٍ هنا يعاندني ولكن عليّ أن لا أصدّق ذلك، عليّ أن أصدّق ما يقال وأشيح عن التساؤل والمساءلة، إنهم يقولون وحسب، يقولون وحسب، لا يكلفون أنفسهم إلا عناء القول ويتركون الفهم اليائس لأمثالي: المرأة لا تصلح للقيادة، المرأة لا تصلح للبرلمان، المرأة لا تصلح للرياضيات، لماذا ينبغي أن يخبرني العالم عن مكاني الصحيح عوضاً عن أن أكتشفه بنفسي؟
بثينة العيسىربما ينبغي أن يكفّ العالم عن الحضور، ينبغي أن تضمر ملامح الأشياء، كل هذه الألوان والروائح والمهام التي ينبغي فعلها.. ليتها تنقرض، تنقرض لبعض الوقت، رفقاً بي وبكل العاجزين عن المواكبة، عن الاتساق، العاجزين عن تبرير وجودهم على أدمة العالم مثل بثرةٍ متقيّحة، قليلٌ من الانقراض النبيل، وكثيرٌ من البياض، السطور الفارغة، الإنصات و ..
بثينة العيسىعندما نولدُ إناثاً، فنحنُ نولد قضايا، لأن العالم مزوّد بتقنياتٍ جاهزة للحدّ منا، إنني أعتبر فكرة كهذه من قبيل المسلّمات، وفي الوقت نفسه، أظن بأن المرأة التي تترعرع في وطن، أو في منزلٍ، ذكوري، هي امرأة محظوظة، لأن الفرصة متاحة أمامها لتقاتل، إنها تملكُ الكثير من الفرص، لأجل أن تتحول إلى نموذج، فهي كبيرة، لمجرد أنها أنثى، وهي مزودة بقضية جاهزة - بمقاسات ملائمة - لتقاتل من أجلها، لقد وفّرت على نفسها عناء البحث عن معاناة، ومشقة المكابدة لأجل أن تظلّ على قيد الإنسانية، أن لا تتخشب مفاصلها، أو تتحول بشرتها إلى جلد سلحفاة، ووجهها إلى تابوت طفل..
بثينة العيسىإن الثمن الذي تدفعه الأنثى التي لا تعاني من كونها أنثى هو أن عليها أن تصنع معاناتها الخاصة، مثل أي ذكر!
بثينة العيسىأتدري أين المشكلة ؟ المشكلة أنني أتذكر كل شيء! كل التفاصيل غير الحميمة : القبح والقيء و الهراء البشريّ ، أتنشق النتانة المتصاعدة، رائحة آمالٍ فطست وجثث حمائم متعفنة مركونة في زوايانا القصية، تلك البعيدة، تلك الباردة .. إجراءات السلامة تتكرر كالتراتيل المقدسة، توشوشُ في آذاننا بأن الحياة غالية ، والموت بسيط ! أفكر : إذا قرر الموت أن يجيء فليعضّ على خاصرتي أولاً !
بثينة العيسىأنا في السرداب ، على سبيل التغيير ، لا أستطيع النوم ، لابدّ أن أكتب ! الشيء الوحيد الذي يبدو ذا معنى في وقتٍ كهذا ، أن أكتب ! أشعر بي أسيل خارجي في كل حرف، إنها طريقتي في الانتحار لأنني .. لم أتصالح في يوم مع واقعٍ .. ما فتئ يخالف الافتراضات الساذجة لذهنيّتي ، الكتابة حلٌ معقول ، إنها تجعلني أتواجد بشكل حقيقي، و أشعر بي أمتدّ خارجي إلى المقدّس، ذلك الذي لا أستطيع لمسه و لا التعمّد فيه و لكنني – و ليتبجل الرب ! – أراه ، أشعر بي أنسلخُ عني، أستحيل ريحاً، أتجرّد من أهدابي وشفتيّ و أنفي، أشعر بي أنا، أملكُ العالم كله بين قبضتي، أحاصره في تلك المسافة الضئيلة من الفراغ ما بين الطرف المدبب للقلم البنفسجي، والورق الموحش في بياضه
بثينة العيسى« erste vorherige
Seite 2 von 17.
nächste letzte »
Data privacy
Imprint
Contact
Diese Website verwendet Cookies, um Ihnen die bestmögliche Funktionalität bieten zu können.