وإن ظلم الأزواج للأزواج أعرق الإفساد وأعجل فى الإهلاك من ظلم الأمير للرعية،
فإن رابطة الزوجية أمتن الروابط وأحكمها فتلا فى الفطرة الإنسانية!
فإذا فسدت الفطرة فسادا انتكث به هذا الفتل،
وانقطع ذلك الحبل،
فأى رجاء فى الأمة من بعده يمنع عنها غضب الله وسخطه..
إن هذا التجاوز لحدود الله يشقى أصحابه فى الدنيا كما يشقيهم فى الآخرة...
محمد الغزاليقد بلغ التراخى والانفصام فى رابطة الزوجية مبلغا لم يعهد فى عصر من العصور الإسلامية،
لفساد الفطرة فى الزوجين واعتداء حدود الله من الجانبين ".
والواقع أن داخل البيت يتأثر بخارجه، وتيارات الميوعة والجهالة والإسراف إذا عصفت فى الخارج تسللت إلى الداخل فلم ينج من بلائها إلا من عصم الله...!
إننا نريد أن نتفق أولا على إقامة حدود الله،
كما رسمها الكتاب الكريم، وشرحتها السنة المطهرة وأرى أن ارتفاع المستوى الفقهى والخلقى والسلوكى لكلا الجنسين سيوطد أركان السلام داخل البيت وخارجه،
وسيجعل المرأة تبسط سلطانها فى دائرتها كما تتيح للرجل أن يملك الزمام حيث لا يصلح غيره للعمل فى زحام الحياة وعراكها الموصول...
إن القوامة للرجل لا تزيد عن أن له بحكم أعبائه الأساسية، وبحكم تفرغه للسعى على أسرته والدفاع عنها ومشاركته فى كل ما يصلحها..
أن تكون له الكلمة الأخيرة ـ بعد المشورة ـ ما لم يخالف بها شرعا أو ينكر بها معروفا أو يجحد بها حقا أو يجنح إلى سفه أو إسراف،
من حق الزوجة إذا انحرف أن تراجعه وألا تأخذ برأيه،
وأن تحتكم فى اعتراضها عليه بالحق إلى أهلها وأهله أو إلى سلطة المجتمع الذى له وعليه أن يقيم حدود الله وهذا كلام حسن،
إذا كان البيت مؤسسة تربوية أو شركة اقتصادية فلابد له من رئيس، والرياسة لا تلغى البتة الشورى والتفاهم وتبادل الرأى والبحث المخلص عن المصلحة.
إن هذا قانون مطرد فى شئون الحياة كلها، فلماذا يستثنى منه البيت؟
وقوله تعالى فى صفة المسلمين " وأمرهم شورى بينهم
وأريد هنا إثبات بعض الملاحظات: أولا: أن النفقة معصوبة بجبين الرجل وحده، وأن إنفاق المرأة فى البيت مسلك مؤقت وتطوع غير ملزم، وعليها أن تجعل أثمن أوقاتها لتربية أولادها والإشراف العلمى والأدبى عليهم.
ثانيا: أن دور الحضانة مأوى موقوت تلجىء إليه ضرورات عابرة وأن الأساس فى الإيواء والتربية هو البيت الأصلى ودفء الأمومة وحنانها!
ثالثا: حرمات الله حولها فى الإسلام أسوار عالية يجهلها كل سكران أو ديوث،
وتقاليد الغرب التى تتيح لأى امرئ أن يراقص أى امرأة بإذن أو بغير إذن من زوجها يرفضها ديننا كل الرفض،
وليس لرجل أو امرأة أى حرية فى انتهاك حدود الله واعتداء حرماته....
رابعا: الأسرة مملكة ذات حدود قائمة تشبه حدود الدول فى عصرنا وطبيعة هذه الحدود الحماية والمحافظة، فليست البيوت مبنية على سطح بحر مائج التيارات، وليست بابا مفتوحا لكل والج وخارج...
ولعقد الزواج أبعاد فقهية واجتماعية وتربوية ينبغى أن تعرف وأن تعرف معها قوامة الرجال..
محمد الغزاليقالت لى امرأة غاضبة:
( أإذا غضب منى زوجى فى حوار، قد أكون فيه صاحبة حق حُرمت رضوان الله، ولعنتنى الملائكة و...و...)
فقاطعتها على عجل، وأفهمتها أن الحديث الوارد فى شأن آخر بعيد بعيد عما تتوهمين..
الحديث ورد فى امرأة تعرض زوجها للفتنة لأنها تمنعه نفسها، وهو لا يستغنى عنها..
ذاك هو المراد!!
إن الإسلام يقوم على حقائق الفطرة والعقل، لأنه فطرة الله التى فطر الناس عليها.
إن الله لا يكره أحدا على طريق الشر ثم يدخله النار! ومن تصور هذا فهو جاهل بالله طائش العقل...
ومن المنتمين الى ديننا من يتصور ذلك ـ للأسف الشديد ـ ويحاول إساغته بترهات لا تقال.. ونشرح هنا موقف الضالين كما صورته سورة المؤمنين وحدها:
واتباع الدين لخير الناس لا لخير أحد غيرهم، ومن هنا نرى المغفلين عادة يقفون في المعسكر المعادي للدين.
محمد الغزالي« erste vorherige
Seite 37 von 157.
nächste letzte »
Data privacy
Imprint
Contact
Diese Website verwendet Cookies, um Ihnen die bestmögliche Funktionalität bieten zu können.