أيها المسلمون: ليس ما كان في صدر الإسلام من محاربة المسلمين المسيحيين كان مراداً به التَّشفّي والانتقام منهم, أو القضاء عليهم, وإنما كان لحماية الدعوة الإسلامية أن يتعرضها في طريقها معترض أو يحول بينها وبين انتشارها في مشارق الأرض ومغاربها حائل, أي أن القتال كان ذوداَ ودفاعاَ, لا تشفياّ وانتقاما.
مصطفى لطفي المنفلوطيكما أن في أغنياء الجيوب فقراء الرؤوس كذلك في فقراء الجيوب أغنياء الرؤوس
مصطفى لطفي المنفلوطيإنما الإحسان عاطفة كريمة من عواطف النفس تتألم لمناظر البؤس ومصارع الشقاء: فلو أن جميع ما يبذله الناس من المال ويسمّونه إحسانا- صادر عن تلك العاطفة الشريفة - لما تجاوز محلّه, ولا فارق موضعه.
مصطفى لطفي المنفلوطيلقد أحبّته من حيث لا تدري، فإن الخوف من الحبّ هو الحبّ نفسه.
مصطفى لطفي المنفلوطيأستطيع أن أقول لك يا بنيّ إنّ السّعادة ينبوع يتفجّر من القلب، لا غيث يهطل من السّماء، وأنّ النّفس الكريمة الرّاضية البريئة من أدران الرّذائل وأقذارها، ومطامع الحياة وشهواتها، سعيدة حيثما حلّت. [...] فمن أراد السّعادة فلا يسأل عنها المال والنّسب، وبين الفضّة والذّهب، والقصور والبساتين، والأرواح والرّياحين، بل يسأل عنها نفسه الّتي بين جنبيه فهي ينبوع سعادته وهنائه إن شاء، ومصدر شقائه وبلائه إن أراد.
مصطفى لطفي المنفلوطيفإنّ للمدنيّة شقاءً كشقاء الهمجيّة لا يختلف عنه إلّا في لونه وصبغته. فإنّ وقوف الإنسان في وسط ذلك المُزدَحم الهائل بين الجواذب المتخلفة، والدّوافع المتعدّدة، وحيرة عقله بين مختلف المذاهب والشّيع والآراء والأفكار يحاول كلٌّ منها أن يجذبه إليه ويسيطر عليه، ويستأثر به، وهو فيما بينها كالرّيشة الطّائرة في مهاب الرّياح لا تستقرّ في قرار ولا تهبط في مهبط، متعبةٌ عقليّةٌ لا قِبَلَ له باحتمالها، ولو أنّه كان أسيرًا في قوم متوحّشين، وقد شدّه آسروه إلى جذع من جذوع النّخل، وأخذ كلّ منهم بعضوٍ من أعضائه يجذبه جذبًا شديدًا ليمزّقوه إربًا إربًا، لكان ذلك أهون عليه من هذه الحالة الّتي لا يستطيع أن يتمتّع فيها بهدوئه النّفسيّ وسكونه الفكريّ كما تتمتّع السّائمةُ على وجهها في مسارحها ومرابعها، فلا يجد له بُدًّا من الفرار بنفسه إلّا حيث يجد نفسه ويظفر كيانه، ولا سبيل له إلى وجدان نفسه والعثور بها إلّا في مثل هذه الصّخرة النّائية المنقطعة الّتي يستطيع أن يجمع في ظلالها ما تفرّق من أمره، وتبعثر من قوّته، ويصغيَ في وسط ذلك السّكون والهدوء إلى صوت قلبه حين يحدّثه أصدق الأحاديث وأجملها عن الخالق والمخلوق، والحياة والموت، والبقاء والفناء، وطبيعة الكون وأسرار الخليقة، فيشعر بالرّاحة بعد ذلك العناء الكثير والكدّ الطّويل كالسّيل المتحدّر من أعالي الجبال، لا يزال يحمل في طريقه الأقذاء والأكدار، فإذا بلغ الحضيض استحال إلى بركة هادئة ساكنة يتلألأ في صفحتها الصّقيلة اللّامعة جمال السّماء وبهجة الملأ الأعلى.
مصطفى لطفي المنفلوطي أيها الغد ...
إن لنا آمالاً كباراً وصغاراً ، وأماني حساناً وغير حسان ,،،
فحدثنا عن آمالنا أين مكانها منك ؟ وخبرنا عن أمانينا ماذا صنعت بها ؟ أأذللتها واحتقرتها ، أم كنت لها من المكرمين ؟
لا ، لا صن سرك في صدرك ، وأبقِ لثامك على وجهك ، ولا تحدثنا حديثا واحداً عن آمالنا وأمانينا ، حتى لا تفجعنا في أرواحنا ونفوسنا فإنما نحن أحياء بالآمال وإن كانت باطلة ، وسعداء بالأماني وإن كانت كاذبة ...
يقولون: أشقى الناس في هذه الحياة العقلاء, ويقولون: ما لذّة العيش إلا للمجانين.
مصطفى لطفي المنفلوطيأنا لا أقول إلا ما أعتقد, ولا أعتقد إلّا ما أسمع صداه من جوانب نفسي, فربَّما خالفتُ الناس أشياءً يعلمون منها غير ما أعلم, ومعذرتي إليهم في ذلك أن الحقَّ أولى بالمجاملة منهم, وأن في رأسي عقلاً أُجِلُّه عن أن أنزل به إلى أن يكون سيقةً للعقول, وريشةً في مهاب الأغراض والأهواء .
مصطفى لطفي المنفلوطيStichwörter: أدباء
أن التربية العلميّة كالتربية الجسميّة، فكما أن الطفل لا ينمو جسمه ولا ينشط، ولا تتبسَّط أعضاؤه، ولا تنتشر القوة في أعصابه إلّا إذا نشأ في لهوه ولعبه وقذفه ووثبه، كذلك الكاتب لا تنمو مَلكَةُ الفصاحةِ في لسانه، ولا تأخذ مكانها من نفسه إلّا إذا ملك الحريّة في التصرُّف والافتنان والذهاب في مذاهب القول ومَناحيه كما بشاء وحيث يشاء، دون أن يسيطرَ عليه في ذلك مسيطر إلّا طبعُه وسَجِيَّته .
مصطفى لطفي المنفلوطي« erste vorherige
Seite 10 von 20.
nächste letzte »
Data privacy
Imprint
Contact
Diese Website verwendet Cookies, um Ihnen die bestmögliche Funktionalität bieten zu können.