كنتُ أعتقد أن الذين لا يعرفون ، عادةً ينصرفون للقراءة ،
وحدي أنا كلما شحت بي المعرفة ، رحتُ أكتب !
كتابة الانترنت تفقدني وعيي بالأسطر والصفحات، كل شيء منسدل مثل ستارة لا تنتهي، فقدت وعيي بالمكان تقريبًا، ... لم يكن ثمة صرير قلم، أو انطواء ورقة يمكن أن يوقظني من حالة حلمية طويلة اجترحتها بهذه الكتابة، حالة مقاومة للموت، لا سيما ذلك الموت العادي الذميم، تأكدت تمامًا .. أن أوجع الأيام بعد الحب ، ليس أولها، لأن النبتة لا تتألم فور انقطاع الماء، بل عندما يبدأ الجفاف فعلاً
محمد حسن علوانيؤلمني أن بعض الحكايات عندما تبعث على هيئة كتابة، تتحول إلى ما يشبه الرنين الذي يصعد ويهبط في مواقع مختلفة من الحكاية، معطلاً سيرة الشجن، إلا الذي يتردد في صدري أنا وحدي .... ربما هذا ما يجعلنا محدودين بعدة آلاف فقط من الحكايات المكتوبة، إزاء الملايين منها التي حدثت في الحياة، ولكنها رفضت أن تحني رأسها الدرامي الرفيع للكتابة .
محمد حسن علوانتصورت أن الحب يندر أن يجمع لنا الحسنيين، إما أن يمنحنا رغدًا مؤقتًا وهادئًا لا يلفت الأنظار المؤذية، نقلب فيه بعض الأمل، وإما أن يعود مرة أخرى بعد حين، ليسترد عاديته، ويلملم أشياءه ولحظاته، وغمراته، ويجمع أصداء القبلات في كيسها، والضحكات في صندوقها، ويحسر وشاح الرحمة الكبير في جيبه الواسعن ويغلق علينا الستارة، ويوصد وراءنا المسرح، ويختم علينا بالموت العادي، ثم يرحل نحو اثنين آخرين هل حدث أن خيرنا مثلاً إذا كنا نرغب في أحداث مختلفة؟ كأن نشتعل معًا مثل خيطين مضفورين من البارود، ينتهيان إلى ديناميت؟، لنفرض أنا رغبنا طوعًا في أن ننفجر منبهين كل من حولنا إلى أن ثمة قصة حب لولبية حدثت هنا، وأن العاشقين تحملا آلام هذا الاشتعال، ومِزَق هذا الانفجار، من أجل أن يخلفا وراءهما حكاية لا تجرفها الأيام بسهولة، ويتسحيل أن تلملم أطرافها الأفواه، والأوراق والمقاهي، لأنها انفجرت ، وتبعثرت في كل المجرة . لا يمنح الحب خيارات أخرى، إلا عندما نتوهم ذلك، وفي اعتقادي أن البشر لم يكتبوا الكتب، ولم يصنعوا الأفلام إلا عندما بلغ إحباطهم من عادية الأشياء حدًا جعلهم يبرون كل ما حولهم، ليتحول إلى أسنة حادة يخترقون بها هذا الجدار العادي المؤلم. الاشتعال لم يحدث يومًا وحده ن ليس من عادة الطبيعة أن تحرق نفسها، علينا نحن أن نتحمل أعباء ذلك إذا بقينا تواقين إلى كل حريق جميل
محمد حسن علوانإلهي الكبير: هنا أطياف الليالي الهاربة، والطنين الذي يحوم في فراغ الغرفة، ولغة الخواء التي تتهامس بها الأشياء بقلق، هل حقًا ستجعلني أفقد غالية؟ أم أنها مجرد مناورة سماوية لبعث الرهبة في الفرح الفضفاض الذي ألبستني إياه فجأة، وخشيت أن أتعثر به؟ هل تراني الآن من فوق؟، ما رأيك؟ وأنا أتهجد في محراب الوحشة مثل راهبٍ منكوب ، أنتبذ مكانًا من الليل كأقصى حالة من الحلكة، وأطارد ما يطير في السواد من رؤى، وأركمها في سلة أرقي. أعرف أني لا ألجأ إليك كثيرًا هذه الأيام، لا أصلي أحيانًا، رغم أنك تتغاضى عن ذلك، وتعطيني الكثير. أعرف أني أحرجك أمام الملائكة، وأعرف أنك تفهمني جيدًا، وتعرف أني ضعيفُ جدًا حينما تمسكني أقدارك من قلبي .....
محمد حسن علوانكنت أرفض .. أن أكون ضحية معتادة لكلاسيكيات الحياة: كالحب مثلاً. شعرت أنه من الغباء أن نستمر حزانى بعد ملايين السنين من اختراع الحزن، من دون أن نكتشف بعد طريقة السري في داخلنا . أريد اليوم أن أكون أقل حزنًا فقط. لا أريد أن أكون أكثر نبلاً، أو شعرًا، أو احتراقًا تحت مظلة الوهن، أو تذمرًا من معاندة الزمن. لا تعنيني كل المدن المركبة من أرق العاشقين، ودموع المتعبين ، كل هذه الخيالات الزائفة ليست إلا محاولة لتعويض فشلنا في أن نكون أقل حزنًا ، وأنا أفضل النجاح على الفشل، وأريد أن أكون أقل حزنـًا .. فقط
محمد حسن علوانعندما يعجز الوطن أن يمنحنا أكثر
من صدوع ضيقة لدفن أبنائنا ، هل نبقى ؟
عندما يتململ الحزن في داخلنا، تحمل فيروز اناء ً من الكريستال تجمع فيه همومنا وأوجاعنا، وتخلطها معاً، ثم تعود لتوزعها بيننا بالتساوي .
محمد حسن علوانهو الذي لا يحترم في حياته شيئاً أكثر من الورق المرصوص بين دفتين, ويجمع في مكتبه, ومستودع المنزل, وسطحه, آلاف الكتب, مثل الورّاقين القدماء الذين يفيضون أحتراماً للكتب حد الخجل من كتابة أحدها.
محمد حسن علوانعلى أية حال, ليس ثمة برد يستحق. لم يعد الشتاء يُجيد الوقوف بنا مثلما كان يفعل من قبل. صار شيخاً مسنّاً بلا حول, أخفت الأيام صوته القوي, وانتهكت حنجرته الجبارة, وتركته عليلاً يوشك أن يتقاعد من عمله في الزمن, ويترك المدينة وراءه لفصلها الوحيد الذي تعرف لغته, الصيف.
محمد حسن علوان« first previous
Page 22 of 59.
next last »
Data privacy
Imprint
Contact
Diese Website verwendet Cookies, um Ihnen die bestmögliche Funktionalität bieten zu können.