من ظن انه بدون العمل يصل فهو متمنّ
ومن ظن انه ببذل الجهد يصل فهو مستغن ّ
(على ابن ابى طالب )
من لم يشك لم ينظر،ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر يبقى في العمى والضلال..
فـ الشك أول درجات اليقين
فأدلة الطريق هم العلماء الذين هم ورثة الأنبياء ،وقد شغر منهم الزمان ولم يبق إلا المترسمون وقد استحوذ على أكثرهم الشيطان واستغواهم الطغيان ، وأصبح كل واحد بعاجل حظه مشغوفا ، فصار يرى المعروف منكرا و المنكر معروفا حتى ظل علم الدين مندرسا ، ومنار الهدى في أقطار الأرض منطمسا ، ولقد خيلوا إلى الخلق أن لا علم إلا فتوى جكومة تستعين به القضاة على فصل الخصام عند تهاوش الطغام ، أو جدل يتدرع به طالب الالمباهاة إلى الغلبة و الإفحام، أو سجع مزخرف يتوسل به الواعظ إلي استدراج العوام ، إذ لم يروا ما سوى هذه الثلاثة مصيدة للحرام وشبكة للحطام .
Abu Hamid al-Ghazaliأدلة الطريق هم العلماء الذين هم ورثة الأنبياء ،وقد شغر منهم الزمان ولم يبق إلا المترسمون وقد استحوذ على أكثرهم الشيطان واستغواهم الطغيان ، وأصبح كل واحد بعاجل حظه مشغوفا ، فصار يرى المعروف منكرا و المنكر معروفا حتى ظل علم الدين مندرسا ، ومنار الهدى في أقطار الأرض منطمسا ، ولقد خيلوا إلى الخلق أن لا علم إلا فتوى جكومة تستعين به القضاة على فصل الخصام عند تهاوش الطغام ، أو جدل يتدرع به طالب الالمباهاة إلى الغلبة و الإفحام، أو سجع مزخرف يتوسل به الواعظ إلي استدراج العوام ، إذ لم يروا ما سوى هذه الثلاثة مصيدة للحرام وشبكة للحطام .
Abu Hamid al-Ghazaliإن قصرت بصيرتك عن إدراك الجلال والكمال والميل إلى مطالعته والفرح به والعشق له، فلا تقصر عن الميل إلى المنعم المحسن إليك. ولا تكونن أقل من الكلب، فإنه يحب صاحبه الذي يحسن إليه
Abu Hamid al-Ghazaliوأنى تتجلى أسرار الملكوت لقوم إلههم هواهم، ومعبودهم سلاطينهم، وقبلتهم دراهمهم ودنانيرهم، وشريعتهم رعونتهم، وإرادتهم جاههم وشهواتهم، وعبادتهم خدمتهم أغنياءهم، وذكرهم وساوسهم، وكنزهم سواسهم، وفكرهم استنباط الحيل لما تقتضيه حشمتهم؟
Abu Hamid al-Ghazaliواعلم أن حقيقة الكفر والإيمان وحدًهما، والحق والضلال وسرًهما، لا ينجلي للقلوب المدنسة بطلب المال والجاه وحبهما، بل إنما ينكشف ذلك لقلوب طهرت عن وسخ أوضار الدنيا أولا، ثم صقلت بالرياضة الكاملة ثانيا، ثم نورت بالذكر الصافي ثالثا، ثم غذيت بالفكر الصائب رابعا، ثم زينت بملازمة حدود الشرع خامسا، حتى فاض عليها من النور من مشكاة النبوة، وصارت كأنها مرآة مجلوة، وصار مصباح الإيمان في زجاجة قلبه مشرق الأنوار، يكاد زيته يضيء ولو لم تمسسه نار.
Abu Hamid al-Ghazaliوالمخلدون في النار بالإضافة إلى الناجين والمخرجين منها في الآخرة نادر، فإن صفة الرحمة لا تتغير باختلاف أحوالنا، وإنما الدنيا والآخرة عبارتان عن اختلاف أحوالك، ولولا هذه لما كان لقوله - عليه الصلاة والسلام - معنى حيث قال: " أول ما خط الله في الكتاب الأول: أنا الله لا إله إلا أنا، سبقت رحمتي غضبي، فمن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فله الجنة" .
فأبشر برحمة الله وبالنجاة المطلقة إن جمعت بين الإيمان والعمل الصالح، وبالهلاك المطلق إن خلوت عنهما جميعا، وإن كنت صاحب يقين في أصل التصديق، وصاحب خطأ في بعض التأويل، أو صاحب شك فيهما، أو صاحب خلط في الأعمال فلا تطمع في النجاة المطلقة.
ليس فى الإمكان أبدع مما كان
Abu Hamid al-Ghazaliولم أزل في عنفوان شبابي منذ راهفت البلوغ قبل العشرين إلى الآن - وقد أناف السن على الخمسين- أقتحم لجة هذا البحر العميق وأخوض غمرته خوض الجسور لا خوض الجبان الحذور ، وأتوغل في كل مظلمة وأتجهم على كل مشكلة وأقتحم كل ورطة وأتفحص عقيدة كل فرقة وأستكشف أسرار مذهب كل طائفة ،ﻷميز بين محق ومبطل ، ومتسنن ومبتدع، لا أغادر باطنيا إلا وأحب أن أطلع على بطانته ولا ظاهرا إلا وأريد أن أعلم حاصل ظهارته ولا فلسفيا إلا أقصد الوقوف على كنه فلسفته ولا متكلما إلا وأجتهد في الإطلاع على غاية كلامه ومجادلته ولا صوفيا إلا وأحرص على العثور على سر صفوته ولا متعبدا إلا وأرصد ما يرجع إليه حاصل عبادته ولا زنديقا متعطلا إلا وأتحسس وراءه للتنبه لأسباب جرأته في تعطيله وزندقته، وقد كان التعطش إلى درك حقائق الأمور دأبي وديدني من أول أمري وريعان عمري، غريزة وفطرة من الله وضعتا في جبلتي، لا باختياري وحيلتي، حتى انحلت عني رابطة التقليد وانكسرت على العقائد الموروثة على قرب عهد سن الصبا
Abu Hamid al-Ghazali« first previous
Page 10 of 12.
next last »
Data privacy
Imprint
Contact
Diese Website verwendet Cookies, um Ihnen die bestmögliche Funktionalität bieten zu können.