والدين حرية القيد لا حرية الحرية؛
فأنت بعد أن تقيد رذائلك وضَرَاوتك وشرك وحيوانيتك,
أنت من بعد هذا حر ما وسعتك الأرض والسماء والفكر؛
لأنك من بعد هذا مكمل للإنسانية،
مستقيم على طريقتها؛
ولكن هب حمارًا تفلسف وأراد أن يكون حرًّا بعقله الحماري؛
أي: تقرير المذهب الفلسفي الحماري في الأدب،
فهذا إنما يبتغي إطلاق حريته،
أي: تسليط حماريته الكاملة على كل ما يتصل به من الوجود.
وآفة هذه القوانين أنها لم تُسن لمنع الجريمة أن تقع،
ولكن للعقاب عليها بعد وقوعها
إن الشعب الذي لا يجد أعمالًا كبيرة يتمجد بها،
هو الذي تُخترع له الألفاظ الكبيرة ليتلهى بها؛
وأنه متى ضعف إدراك الأمة لم يكن التفاوت بين الرجال بفضائل الرجولة ومعانيها،
بل بموضع الرجولة من تلك الألفاظ؛
فإن قيل "باشا" فهذه الكلمة هي الاختراع الاجتماعي العظيم في أمم الألفاظ؛
ومعناها العلمي: قوة ألف فدان أو أكثر أو أقل؛
ويقابلها مثلًا في أمم الأعمال الكبيرة لفظ "الآلة البخارية"
ومعناها العلمي قوة كذا وكذا حصانًا أو أقل أو أكثر
وأن لهفة الحرمان هي التي تضع في الكسب لذة الكسب،
وسعار الجوع هو الذي يجعل في الطعام من المادة طعامًا آخر من الروح
وأي شيء لا صبر عليه عند الرجل المؤمن الذي يعلم أن البلاء مالٌ غير أنه لا يوضع في الكيس بل في الجسم؟
مصطفى صادق الرافعيوالسعادة في جملتها وتفصيلها أن يكون لك فكر غير مقيد بمعنى تتألم منه،
ولا بمعنى تخاف منه،
ولا بمعنى تحذر منه؛
والشقاء في تفصيله وجملته انحباس الفكر في معاني الألم والخوف والاضطراب.
والمرأة ضعيفة بفطرتها وتركيبها،
وهي على ذلك تأبى أن تكون ضعيفة أو تُقر بالضعف إلا إذا وجدت رجلها الكامل،
رجلها الذي يكون معها بقوته وعقله وفتنته لها وحبها إياه
وكيف لعمري يستطيع إبليس أن يؤدي عمله الفني,
ويصور بلاغته العالية إلا في ساقطين من أهل الفكر الجميل,
وساقطات من أهل الجسم الجميل؟
وما هو الحجاب إلا حفظ روحانية المرأة للمرأة،
وإغلاء سعرها في الاجتماع,
وصونها من التبذل الممقوت؛
لضبطها في حدود كحدود الربح من هذا القانون الصارم،
قانون العرض والطلب؛
والارتفاع بها أن تكون سلعة بائرة ينادى عليها في مدارج الطرق والأسواق:
العيون الكحيلة، الخدود الوردية، الشفاه الياقوتية، الثغور اللؤلؤية، الأعطاف المرتجة، النهود الـ... الـ...
أوليس فتياتنا قد انتهين من الكساد بعد نبذ الحجاب إلى هذه الغاية،
وأصبحن إن لم ينادين على أنفسهن بمثل هذا ؟؟
فإنهن لا يظهرن في الطرق إلا لتنادي أجسامهن بمثل هذا؟
ومن البلاء على هذا الشرق أنه ما برح يناهض المستعمرين ويواثبهم،
غافلًا عن معانيهم الاستعمارية التي تناهضه وتواثبه،
جاهلًا أن أوروبا تستعمر بالمذاهب العلمية كما تستعمر بالوسائل الحربية؛
وتسوق الأسطول والجيش،
والكتاب والأستاذ،
واللذة والاستمتاع،
والمرأة والحب.
« ; premier précédent
Page 21 de 70.
suivant dernier » ;
Data privacy
Imprint
Contact
Diese Website verwendet Cookies, um Ihnen die bestmögliche Funktionalität bieten zu können.