ويصير آدم اثنين: قابيل، هابيل، وتبرز "الأنا" وتنقسم الـ "نحن" إلى شقين، وتسفك الدماء، ويوجد أول جلاد جزار وأول شهيد، ويصبح الاخوين غريبين وعدوين متقابلين؛ أحدهما في صف الله والاخر في صف إبليس.
Ali Shariatiوعلى الرغم من دوام الظلم والجور وقوته، فإن الحرية والمساواة الإنسانية ستعود إلى حياة الإنسان في نهاية المطاف المشؤوم، كما كانت تعم الأرض في بداية حياته..
ولكن من البديهي اختلاف المساواة الإنسانية، التي كانت في المجتمع الأول غير الطبقي، عن المساواة التي ستوجد بعد الثورة العالمية الكبرى في آخر مراحل تاريخ التناقض والتفرقة والتمييز، فتلك كانت غريزية بدائية عن غير وعي، وجامدة ليس لها هدف ولا رسالة، بينما ستكون هذه عن وعي ومتطورة وإنسانية ومتحولة متغيرة، متحركة باتجاه المثل السامية، وتحمل رسالة ثقيلة ألا وهي "خلافة الله" في الطبيعة.
وبناء على هذا، ألا تعتقدون أن كلمة "الثورة" تتضمن معنى أبعد من كلمة
"Revolution"
أو "انقلاب" التي لا تعني سوى تغيير وانقلاب النظام الاجتماعي رأسا على عقب - بينما تستبطن "الثورة" مفهوم "الثأر" أيضا. فتكون عبارة عن قيام أفراد القبيلة الإلهية في كل جيل من أجل الثأر والانتقام من القبيلة الطاغوتية المتورطة بالدم، وليس مجرد انتفاضة يقوم بها جماعة ضد نظام خاص في برهة من زمان.
من هنا تقترن كلمة "الثورة" بالدم، وتقترن بالتسلسل التاريخي، تقترن بمسؤولية الإنسان المستمرة على طول خط التاريخ.
ثلاثة ينتظمها محور: "فرعون" و"قارون" و"بلعم" .. فروع ثلاثة لسمسار واحد: "القصر" و"الدكان" و"المعبد" عاد كل واحد منهم يزاول عمله الأبدي: "الاستبداد" و""الاستغلال" و"الاستحمار" .. عاد الثالوث.
Ali Shariatiومن المدهش أن انطلاقة التاريخ، والخطوة الأولى تبدأ بالثأر: هابيل، ولم نقل آدم لأن آدم يعني الإنسان، حقيقة الإنسان، أبو الجميع، أبو كلتا القبيلتين، كلي الإنسان، فآدم ليس جزءا من تاريخ الإنسان،وإنما يبدأ التاريخ الإنساني من بعد آدم حيث انقسم الإنسان إلى قبيلتين - قبيلة طاغوتية وقبيلة إلهية - وهذا هو التقسيم القبلي الذي يرتضيه الإسلام، أي تقسيم الإنسان إلى قطبين متصارعين على طول خط التاريخ، وبدون هذا التقسيم لا يمكن فهم رسالة الإسلام، ولا فهم تسلسل الإمامة، ولا فهم رسالة إبراهيم.
Ali Shariatiالمسلمون يعني المتمردين على الاستسلام، الاستسلام للإرادة التي تستتبع التمرد على أي إرادة أخرى، التسليم له وحده، والإسلام دين التسليم لكن ليس بالمعنى الذي يقولونه، وإنما هو تسليم وعبودية وذلة واستسلام للقوة المطلقة والإرادة العظيمة، الحاكم على الكون. وبنفس المقدار هو دعوة للتمرد على الشرك والظلم والجور والانحراف والقوى الأخرى والآمل والأماني والطمع، بل إن هذا التمرد جزء من ذات التسليم لله سبحانه.
Ali Shariatiإن رسالة زينب "بعد الاستشهاد" إنما هي:
" أن الذين رحلوا أدوا دورا حسينيا..
والذين بقوا عليهم القيام بدور زينبي، وإلا فإنهم يزيدون".
فإذا لم تكن في ساحة الحق والباطل، وإذا لم تكن شاهد عصرك وشهيدا على الحق والباطل في مجتمعك، فكن إذا، أينما شئت،لا فرق بين أن تكون قائما للصلاة حينذاك أو جالسا لشرب الخمر، فكلاهما سيان.
Ali Shariatiسأل ممثل إيران ممثل الإسلام - أيام الحرب بين الإسلام وإيران القديمة - ماذا تريدون منا؟ فقال: لا شيء، لا نريد منكم مالا ولا جزية ولا ثروة ولا أرضا، جئنا لنخرجكم من ذل عبوديات الأرض ونرفعكم إلى علو السماء - والمقصود هو العبودية والتذلل للإرادة الحاكمة على الكون ( الله ) والتي تلازم التحرر من ذلة الأرض والعبودية للعيش عليها - .
وأضاف: جئنا لننقذكم من عبادة بعضكم بعضا - النظام الحاكم على قلوبكم وأدمغتكم - وندعوكم لعبودية الله، وننتشلكم من جور الأديان وندخلكم في عدل الإسلام - وهذا المقطع مهم جدا لأننا نؤكد أن العدالة من أصول الإسلام بل هو هدفه وسمته ولواؤه الأول - .
والشهيد هو من يمنح وجوده بالكامل في عملية واحدة، ويفني نفسه من أجل تلك العقيدة وذلك الهدف المقدس الذي يؤمن به وبقدسيته جميعا، ومن الطبيعي أن تسري قدسية المعتقد والهدف بالكامل إلى الوجود الذي ضحى به الشهيد، ولهذا نلاحظ وجوده يعدم في لحظة ويتحول إلى صفر، بيد أنه يكتسب قيمة الهدف الذي ضحى من أجله اكتسابا مطلقا، ويتحول إلى "قداسة" مطلقة في ذهن الأفراد وأفكارهم لقد تحول الإنسان النسبي إلى إنسان مطلق، لأنه ما عاد إنسانا، شخصا، أو فردا وإنما هو فكر مقدس، لقد راح الفرد فداء للفكر فصار فكرا.
Ali Shariati« ; premier précédent
Page 10 de 13.
suivant dernier » ;
Data privacy
Imprint
Contact
Diese Website verwendet Cookies, um Ihnen die bestmögliche Funktionalität bieten zu können.