تولّد الرغبة البائسة للهروب من مجتمع بلا معنى, نوعا من الجنون أو التدمير, أو على الأقل نسيان العالم وأنفسنا أيضا.
Roger Garaudyالسياسة الكبرى هي كيفية إعداد شعب إعدادا جيدا للعبودية-من اليمين أو من اليسار-عن طريق الشاشة الصغيرة وهو يبتسم في سعادة وغفلة ! وإذا كان من السهل حكم الشعب الجاهل, فما أسهل ذلك عن طريق التلفزيون.
Roger Garaudyالولايات المتحدة الأميركية, هي شركة للإنتاج يجمعها بصفة أساسية هدف واحد: الربح والمال. تعتبر كل هوية شخصية, ثقافية, فكرية أو دينية, شيئا خاصا, فرديا للغاية, لا يتداخل مع سير النظام.
انطلاقا من مثل هذا البناء الاجتماعي, الايمان, كمعنى للحياة, لا يمكن أن يعيش إلا داخل بعض الجماعات التي احتفظت بهوية ثقافتها القديمة, او عند بعض الأفراد الأبطال.
هذه الغالبية العظمى من هذا الشعب, مات الرب وهم لا يعلمون, لأن الإنسان استغنى عن أبعاده الربانية: السمو والبحث عن المعنى. الساحة إذا خالية من أجل تكاثر الطوائف والخرافات بكل أنواعها, وتظهر الدولة تسامحا خاصا إزاء كل ذلك.
المشكلة الأكثر عمقا والأكثر أهمية للمستقبل هي تلك الخاصة باختيار الأهداف النهائية, أي إنها مشكلة دينية. أو بالأحرى مشكلة إيمان, لأن الأديان وحدها تبحث وتجيب عن الأهداف النهائية للحياة.
لم ينجح النظامان الاجتماعيان في الشرق والغرب, لا الأول ولا الثاني, في الإجابة عن هذه الأسئلة الخاصة بالأهداف النهائية, فشلت الرأسمالية لأنها لم ترى أي هدف سوى النمو الكمي لإنتاج السلع والخدمات وأرباحها.
وفشلت اشتراكية الدولة في نموذجها السوفيتي. اتخذت لنفسها هدفا, لكن اتضح أنها غير قادرة على الوصول إليه بالوسائل التي استخدمتها.
ولدت كل منهما على نفس التربة الثقافية الغربية. اشترك النظامان في اليقين الزائف نفسه, الصادر عن غرور النهضة, وهو أن "العلم" التجريبي والرياضي يمكن أن يجيب عن كل المشكلات ويحلها. الوسائل الهائلة التي خلقها ستضمن السعادة.
هكذا, ولد نوع جديد من البشر: الإنسان المبرمج ويعني هؤلاء الذين يشبهون العقول البشرية بالكموبيوتر, متناسيين أن خاصية الإنسان هي طرح الأسئلة النهائية, وقبلها اسئلة لماذا وما الأهداف النهائية.
Roger Garaudyلا يعني الأمر أبدا مشكلة نستطيع حلها بمزيد من الإصلاح لوسائلنا وجعلها أكثر فاعلية, مشكلتنا هي أن نتسائل حول أهدافنا.
Roger Garaudyكان هذا التساؤل حول الأهداف النهائية منذ بداية الإنسانية هو من عمل الأديان, التي جاءت لتلبي حاجة أساسية للبشر. ليس للحيوانات الموجهة بغرائزها الثابتة أن تطرح مشكلة النهايات والمعاني. ولد مع الإنسان الشك حول المستقبل, معنى الحياة, الموت, وما بعد الموت.
إذا كان هذا التساؤل حول النهايات هو خاصية الأديان, فلماذا لم تستطع الأديان الكبرى الحالية, خصوصا تلك الأكثر إنتشارا في الغرب المسيطر, المسيحية, وبصفة خاصة الكاثوليكية, أن تطرح هذه الأسئلة وتساعد على الإجابة عنها؟
لأنها متصلة بثقافة وحيدة, حرفتها وأفسدتها. التصور المنغلق على فكر أرسطو, ثم التصور المنغلق للإله العلي القدير في الكتاب المقدس, ثم التصور المنغلق للنهضة-الذي أفسد حتى معنى الإنسان- التصور الذي قُبل في صمت فترة طويلة, لكنه أُدمج أخيرا, في "الحداثة", بمعنى أولية العلوم والتقنيات من أجل معايرة الحضارات الأخرى, وتلك هي الإسهامات "المسيحية" في "أخطاء التوجه" للغرب الذي أصبحت تنتسب إليه.
لم تستطع المسيحية إذن أن تُعيد تشكيل الحضارة الغربية التي تعتبر نفسها كـ "نموذج الحداثة".
الفرض الأساسي لـ "مارلو" في كتابه فاوست, الذي أعلن مسبقا وفاة الإله: "أيها الإنسان, عن طريق عقلك القوي, تصبح إلها, المالك والسيد لكل العناصر".
هكذا تم تكريس القضاء على الأبعاد السامية للإنسان, والرفض لكل القيم المطلقة.
المعيار الوحيد للمفهوم الإيجابي للتقدم, في هذا المنظور الثقافي الشاذ, هو النمو العلمي والتقني, الذي من خلاله تقاس قدرة الإنسان على الطبيعة وعلى الآخرين من البشر.
منذ الحلم الديكارتي بإنشاء كون صغير ميكانيكي مطيع, أعطت هذه الرغبة في القوة بلا حدود للإنسان, قدرة تقنية جبارة: مثل نقل الجبال, وصناعة البحار, والدوران في الفضاء, والذهاب إلى القمر. إنه غريب أن نستطيع عمل كل شيء وألا نعرف ماذا نفعل بهذه القدرات سوى تنميتها بلا نهاية, طارحين دائما سؤال "كيف", لكن ليس أبدا سؤال "لماذا" ؟
Roger Garaudyأصبحت فكرة الإنشقاق عن التراث هي المسيطرة على الحداثة.
Roger Garaudy« ; premier précédent
Page 2 de 3.
suivant dernier » ;
Data privacy
Imprint
Contact
Diese Website verwendet Cookies, um Ihnen die bestmögliche Funktionalität bieten zu können.