هل كان من قبيل المصادفة اللغوية أن ترتد المادتان اللغويتان "كفر" و"فكر " إلى جذور واحدة؟
ليس ذلك منطقياً من منظور علم اللغة، فالفارق فى ترتيب الحروف فى الصيغتين دال على أن "التفكير" حين ينقلب على نفسه، ويخون أدواته، تحل الكاف محل الفاء وتتقدمها، فينقلب التفكير تكفيراً، هنا يفقد خصائصة السابقة كما فقدت الكلمة خصائصها الصوتية عن طريق التقديم والتأخير ويتحول إلى جهالة عمياء لا هم لها إلا القتل، ولا فارق أن يكون القتل بالكلام أو بالسلاح مادام الجهل متجذراً فى بنية العقل فى الحالتين

نصر حامد أبو زيد


Vai alla citazione


إن دراسة قضية التأويل يمكن أن تكشف لنا عن أصول كثير من المواقف التفسيرية التي تدافع عن موضوعية المُفَسِّر وتاريخيته التي تفترض تجاوز واقعه وهموم عصره وتبنِّي موقف المعاصرين لظهور النص، فيَفهم النص كما فهموه في إطار معطيات اللغة التاريخية في عصر نزوله. وهذا ما يوقعهم في تناقض منطقي من الوجهة الدينية الاعتقادية، إذ أن النص صالح لكل زمان ومكان ويحتوي كل الحقائق ويُعَدُّ جماعاً للمعرفة التامة، وهذا يتناقض مع القول بضرورة اعتماد المفسر على المأثورات المروية عن الجيل الأول أو الثاني على الأبعد، والوقوف عند فهمهم وتفسيرهم للنص، ولحَلِ هذا التعارض ذهب أصحاب هذا الموقف إلى أن المعرفة الدينية لا تتطور وأن جيل الصحابة والتابعين قد أوتوا المعرفة الكاملة التامة في ما يتصل بالوحي ومعناه، وأن التمسك بمعرفتهم هو العاصم من الزلل والانحراف. وهكذا انتهى بهم الأمر إلى عزل المعرفة الدينية عن غيرها من أنواع المعرفة من جهة، وإلى إنكار تطور المعرفة الإنسانية من جهة أخرى

نصر حامد أبو زيد


Vai alla citazione


إن الخطأ الجوهري في موقف (أهل السنه) قديماً وحديثاً هو النظر إلى حركة التاريخ و تطور الزمن بوصفها حركة نحو (الأسوأ) على جميع المستويات، ولذلك يحاولون ربط (معنى) النص و دلالته بالعصر الذهبى، عصر النبوة و الرسالة و ظهور الوحى، متناسين أنهم فى ذلك إنما يؤكدون زمانية الوحى لا من حيث تَكَوُّن النص و تشكُّله فقط، بل من حيث دلالته و مغزاه كذلك .
و ليس هذا مجرد خطأ (مفهومي)، و لكنه موقف أيديولوجي من الواقع , موقف يساند التخلف و يقف ضد التقدم و الحركة

نصر حامد أبو زيد


Vai alla citazione


كثير من العداء في مجال الفكر بصفة خاصة يرتد إلى "عدم الفهم" أو إلى عمليات "التباس" ناتجة عن سيطرة نزعة تتصور أن "ما في الأذهان" مطابق مطابقة تامة "لما في الأعيان" وتتزايد درجة "الالتباس"، وما تفضي إليه من "عدم الفهم"، وما يترتب عليها من "عداء" ورفض، حين يكون "ما في الأهان"، قديم وراسخ، لأنه يكتسب من "القِدَم" صفة العراقة التي تضفي مشروعية لا يجوز المساس بها أو الاقتراب منها، لأنها مشروعية مقدسة

نصر حامد أبو زيد


Vai alla citazione


تعتمد هذه الدراسة مجمل الخطاب الديني موضوعاً لها. وذلك دون الأخذ في الاعتبار تلك التفرقة - المستقرة إعلامياً- بين (المعندل) و(المتطرف) في هذا الخطاب، والحقيقة أن الفارق بين هذين النمطين من الخطاب فارق في الدرجة لا في النوع، والدليل على ذلك أن الباحث لا يجد تغايراً أو اختلافاً، من حيث المنطلقات الفكرية أو الآليات بينهما.

ويتجلى التطابق في اعتماد نمطي الخطاب على عناصر أساسية ثابتة في بنية الخطاب الديني بشكل عام، عناصر أساسية غير قابلة للنقاش أو الحوار أو المساومة. في القلب من هذه العناصر عنصران ستتعرض لهما هذه الدراسة بالمناقشة وهما "النص" و"الحاكمية".

وكما يتطابق نمطا الخطاب من حيث المنطلقات الفكرية، يتطابقان كذلك من حيث الآليات التي يعتمدان عليها في طرح المفاهيم، وفي إقناع الآخرين واكتساب الأنصار والأعوان. وتتعدد آليات الخطاب وتتنوع بتعدد وسائل طرح هذا الخطاب وأدواته، ومع ذلك فهناك جامع مشترك يمكن رصده وتحليله خاصة إذا استبعدنا من مجال تحليلنا آليات الأداء الشفاهي، وفصرنا تحليلنا على الآليات الذهنية والعقلية التي توجد في كل -أو معظم- وسائل هذا الخطاب وأداوته. وتتوقف هذه الدراسة عند ما تعتبره أهم آليات هذا الخطاب، وهي تلك الآليات الكاشفة عن المستوى الإيديواوجي لهذا الخطاب، وهو المستوى الذي يجمع بين الاعتدال والتطرف من جهة، وبين الفقهاء والوعاظ من جهة أخرى، هذه الآليات يمكن إجمالها فيما يلي:

1- التوحيد بين الفكر والدين وإلغاء المسافة بين الذات والموضوع.

2- تفسير الظواهر بردها جميعاً إلى مبدأ أو علة أولى، تستوي في ذلك الظواهر الاجتماعية أو الطبيعية.

3- الاعتماد على سلطة "السلف" أو "التراث" وذلك بعد تأويل النصوص التراثية -وهي نصوص ثانوية- إلى نصوص أولية تتمتع بقدر هائل من القداسة لا تقل -في كثير من الأحوال- عن النصوص الأصلية.

4- اليقين الذهني والحسم الفكري "القطعي" ورفض أي خلاف فكري -من ثم- إلا إذا كان في الفروع والتفاصيل دون الأسس والأصول.

5- إهدار البعد التاريخي وتجاهله، ويتجلى هذا في البكاء على الماضي الجميل، يستوي في ذلك العصر الذهبي للخلافة الرشيدة وعصر الخلافة التركية العثمانية.

نصر حامد أبو زيد

Tag: religion philosophy-of-religion



Vai alla citazione


من هذه الأفكار الشائعة المستقرَّة التي يمكن أن نعيد طرحها فكرة التفرقة بين التفسير والتأويل، وهي تفرقة تُعْلي من شأن التفسير، وتَغُضُّ من قيمة التأويل على أساس من موضوعية الأول وذاتية الثاني.

الموضوعية في الحالة الأولى موضوعية تاريخية تفترض إمكانية أن يتجاوز المفسِّر إطار واقعه التاريخي وهموم عصره، وأن يتبنى موقف المعاصرين للنص، ويفهم النص كما فهموه في إطار معطيات اللغة التاريخية عصر نزوله. ومثل هذا التصوُّر يقع في تناقض منطقي من الوجهة الدينية الاعتقادية التي ينطلق منها أصحابه؛ إذ النص عندهم صالح لكل زمان ومكان لأنه يحتوي كل الحقائق ويُعَدّ جماعاً للمعرفة التامة. ومثل هذا الاعتقاد يتناقض تماماً مع القول بضرورة اعتماد المفسِّر على المأثورات المرويَّة عن الجيل الأول أو الجيل الثاني على الأكثر، والوقوف عند فهمهم وتفسيرهم للنص.

ولكي يحلّ أصحاب هذا التصور مثل هذا التعارض المنطقي، ذهبوا إلى أن المعرفة الدينية لا تتطور وأن جيل الصحابة والتابعين قد أوتوا المعرفة الكاملة التامة، فيما يتصل بالوحي ومعناه، وأن التَّمَسُّك بمعرفتهم هو العاصم من الزلل والانحراف.

وهكذا انتهى بهم الأمر إلى عزل المعرفة الدينية عن غيرها من أنواع المعرفة من جهة، وإلى إنكار تطور المعرفة الإنسانية من جهة أخرى*.

وواقع الأمر أن الاعتماد على تفسير السلف من الصحابة والتابعين لا يخلو عند أصحاب هذا التصوُّر من موقف اختياري يعتمد على الترجيح بين الأراء. هذا الاختيار القائم على الترجيح يعكس بدور موقفاً تأويلياً نابعاً من موقف المفسِّر وهموم عصره وإطاره الفكري والثقافي، وكلها أمور لا يمكن لأي مفسِّر أن يتجنبها مهما ادَّعى الموضوعية والانعزال عن الواقع والحياة مرة أخرى في الماضي.

هذا إلى جانب أن استبدال لفظة بلفظة للشرح والتوضيح، أو التعبير عن المعنى بعبارات أخرى، يتضمن بالضرورة فهماً خاصاً يرتبط بتطور دلالة اللغة من عصر إلى عصر، كما يرتبط بالإطار المعرفي الذي تعكسه اللغة في تطورها التاريخي. فإذا أضفنا إلى ذلك أن الألفاظ التي يُظَنُّ أنها مترادفة تعكس فروقاً دقيقة في دلالتها، أدركنا أن أي شرح لا بدَّ أن يتضمن نوعاً من التأويل.

ولا يبالغ الباحث إذا ذهب إلى أن تفسير الصحابة أنفسهم -خاصة ابن عباس الذي نُظِرَ إليه على أنه ترجمان القرآن- لا يتجاوز إطار التأويل، فقد كان لابن عباس موقف من الخوارج ومن تأويلهم، وهو موقف انعكس في الروايات المأثورة عنه في كتب التفسير والتي يَرُدُّ فيها على تأويلاتهم، بل يؤوِّل بعض آيات القرآن التي تهاجم المؤوّلة على أساس أن المقصود بها الخوارج**. ومما يؤكِّد ما نذهب إليه أن هذه التفرقة بين التفسير والتأويل تفرقة اصطلاحية متأخرة، فالطبري مثلاً يسمي تفسيره (جامع البيان عن تأويل آي القرآن) وابن عباس يرى أنه يعلم تأويل القرآن، وتؤكّد الروايات أن الرسول (صلَّى الله عليه وسلم) دعا لابن عباس فقال: (اللَّهم فقهه في الدين وعلِّمه التأويل)***.


(( هوامش))

(*) يُعَدُّ ابن تيميه وتلميذه ابن القيم من أكبر ممثلي هذا الاتجاه، انظر عن ابن تيميه: صبري المتولي: منهج ابن تيميه في تفسير القرآن الكريم/ 63-69 ، وانظر ابن القيم/ الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطَّلة صفحات 5، 6، 13، 17، 20، 60-61، 83، 85 من الجزء الأول على سبيل المثال لا الحصر.

وانظر من الباحثين المحدثين الذين يتبنون هذا الموقف:

محمد حسين الذهبي: التفسير والمفسرون 1 / 284-285 . وسنتعرض فيما يلي لموقف الباحثين في إطار هذه النظرة من تأويل ابن عربي للقرآن

(**) انظر: الطبري: جامع البيان عن تأويل آي القرآن 6 / 198، والسيوطي: الإتقان في علو مالقرآن 1 / 142

(***) انظر في معنى التفسير والتأويل: السيوطي: الإتقان 2 /173

نصر حامد أبو زيد


Vai alla citazione


ٌُإن التراث لا يتجدد بالتكرار والتقليد, بل يتجدد بمداومة بحثه ودراسته وتحليله كلما استجدت مناهج واتسعت قدرة العقل الإنساني معرفياً على إدراك ما لم يكن مدركاً, وعلي القدرة علي قياس ما كان من قبل لا يخضع للقياس

نصر حامد أبو زيد


Vai alla citazione


إن للافكار تاريخاً وحين يتم طمس هذا التاريخ تتحول تلك الافكار الي عقائد فيدخل في مجال الدين ما ليس منه ويصبح الاجتهاد البشري ذو الطابع الايديولوجي نصوصاً مقدسة

نصر حامد أبو زيد


Vai alla citazione


إن عمليات التفسير والتأويل ليست في الحقيقة أنشطة مفارقة لبنية النصوص؛ إذ إنها تتفاعل تاريخياً وإنسانياً مع النص، بحيث يكون الحديث عن "النص الخام" وهماً يتصوره البعض، في محاولة لنفي الإنساني وعزله عن الإلهي.

وفي النهاية فإن "العقائد" القرآنية التي خاطبت المعاصرين لفترة التأسيس في حاجة دائمة إلى الصياغة الفكرية الإنسانية؛ لأن ما يخاطب جيلاً في سياق ثقافي بعينه يعجز عن مخاطبة جيل آخر في سياق آخر، فأين "الإلهي" و"الإنساني" في "الإسلام" الحي التاريخي الذي نتواصل معه عبر بنية التراث؟

نصر حامد أبو زيد

Tag: religion islam philosophy-of-religion



Vai alla citazione


والسؤال الذي يُثار عادة من جانب بعض المدافعين عن "سلطة النصوص" هو: أليس هناك من سبيل لإبقاء العقل إلا برفض النصوص؟ وهو سؤال ماكر خبيث. لأنه لا أحد يرفض النصوص، بل الرفض موجه إلى "سلطة النصوص" وهي السلطة المُضفاة على النصوص من جانب أتباع "النقل". والحقيقة أنه ليس هناك تصادم بين "العقل" و"النص" لسبب بديهي وبسيط، هو أن "العقل" هو الأداة الوحيدة الممكنة، والفعالية الإنسانية التي لا فعالية سواها، لفهم النص وشرحه وتفسيره. ولدينا هؤلاء المدافعون عن "النقل" بتشويه "العقل" والتقليل من شأنه.

إن السؤال لا يتعلق بقبول النص ولا برفضه، بل هو كيف يتلقى الإنسان النص ويتفاعل معه؟ لقد قام الإمام علي بن أبي طالب في رده المعروف جداً والمشهور على الخوارج حين قالوا: "لا حكم إلا لله" بتأسيس هذا الوعي الذي نحاول شرحه فقال: "القرآن بين دفتي المصحف لا ينطق وإنما يتكلم به الرجال". والدلالة الواضحة لهذا المبدأ المهم جداً والخطير، والمُغَّيب تماماً في الخطاب الديني المعاصر: إن عقل الرجال ومستوى معرفتهم وفهمهم هو الذي يحدد الدلالة ويصوغ المعنى.

وهذا كله ينفي وجود "تصادم" بين العقل والنص، وإنما بين العقل وسلطة النصوص؛ وذلك أنه حين تتحول النصوص إلى سلطة مطلقة ومرجعية شاملة بفعل الفكر الديني الذي حللناه في كثير من دراساتنا وأبحاثنا، تتضاءل سلطة العقل. وفي تضاؤل سلطة العقل يكمن التخلف الذي نعانيه على جميع المستويات والصعد. فإذا أضفنا إلى ذلك ما سبق قوله في الفقرة السابقة من أن سلطة العقل هي السلطة الوحيدة التي تُفهَم على أساسها النصوص الدينية، يصبح التقليل من شأن العقل مؤدياً مباشرة إلى إلغاء النصوص.

والنصوص في هذه الحالة تصبح مملوكة ملكية استئثار لبعض العقول التي تمارس هيمنتها باسم النصوص. والحقيقة أن سعي الخطاب الديني لتكريس سلطة النصوص ولتكريس شموليتها هو في الواقع تكريس لسلطة عقول أصحابه وممثليه على باقي العقول. وهكذا تتكرس شمولية تأويلاتهم واجتهاداتهم، فيصبح الخلاف معها كفراً وإلحاداً وهرطقةً وهي الصفات التي أُلصِقَت بكل اجتهادات الباحث.

نصر حامد أبو زيد

Tag: islam intellectual islamic philosophy-of-religion



Vai alla citazione


« prima precedente
Pagina 5 di 6.
prossimo ultimo »

©gutesprueche.com

Data privacy

Imprint
Contact
Wir benutzen Cookies

Diese Website verwendet Cookies, um Ihnen die bestmögliche Funktionalität bieten zu können.

OK Ich lehne Cookies ab