فالاطمئنان بالإيمان هو قتل الخوف الدنيوي بالتسليم والرضى،
أو تحويله عن معناهُ بِجَعْلِ البلاء ثوابا وحسنات،
أو تجريده من أوهامه باعتبار الحياة سائرة بكل ما فيها إلى الموت
فمن آمن بالله فكأنما قال له: "امتحنِّي!"
وكيف تراك إذا كنت بطلا من الأبطال مع قائد الجيش,
أما تفرض عليك شجاعتك أن تقول للقائد:
"امتحني وارم بي حيث شئت!"
وإذا رمى بك فرجعت مثخنا بالجراح ونالك البتر والتشويه،
أتراها أوصافا لمصائبك,
أم ثناء على شجاعتك؟
كل عذراء فهي مريضة إلى أن تتزوج؛
فيجب أن يُعْلِمها أهلها أن العلاج قد يكون مسمومًا؛
وينبغي أن يَحُوطوها بقريب من العناية التي يحاط المريض بها،
فلا يُجعل ما حوله إلا ملائمًا له،
ويُمنع أشياء وإن أحبها ورغب فيها،
ويُكره على أشياء وإن عافها وصَدَف عنها.
لا تتم فائدة الانتقال من بلد إلى بلد إلا إذا انتقلت النفس من شعور إلى شعور؛
فإذا سافر معك الهم فأنت مقيمٌ لم تبرح.
ليست اللذة في الراحة ولا الفراغ،
ولكنها في التعب والكدح والمشقة حين تتحول أيامًا إلى راحةٍ وفراغ.
لهذا يمنع الدين خلوة الرجل بالمرأة،
ويحرم إظهار الفتنة من الجنس للجنس،
ويفصل بمعاني الحجاب بين السالب والموجب،
ثم يضع لأعين المؤمنين والمؤمنات حجابًا آخر من الأمر بغضّ البصر،
إذ لا يكفي حجاب واحد، فإن الطبيعة الجنسية تنظر بالداخل والخارج معًا؛
ثم يطرد عن المرأة كلمة الحب إلا أن تكون من زوجها،
وعن الرجل إلا أن تكون من زوجته؛
إذ هي كلمة حيلة في الطبيعة أكثر مما هي كلمة صدق في الاجتماع،
ولا يؤكد في الدين صدقها الاجتماعي إلا العَقْد والشهود لربط الحقوق بها،
وجعلها في حياطة القوة الاجتماعية التشريعية،
وإقرارها في موضعها من النظام الإنساني؛
فليس ما يمنع أن يكون العاشق من معاني الزوج،
إما أن يكون من معنى آخر أو يكون بلا معنى فلا؛ وكل ذلك لصيانة المرأة،
ما دامت هي وحدها التي تلد،
وما دامت لا تلد للبيع.
ألا ما أشبه الإنسان في الحياة بالسفينة في أمواج هذا البحر!
إن ارتفعت السفينة، أو انخفضت، أو مادت، فليس ذلك منها وحدها، بل مما حولها.
ولن تستطيع هذه السفينة أن تملك من قانون ما حولها شيئًا، ولكن قانونها هي الثبات، والتوازن، والاهتداء إلى قصدها، ونجاتها في قانونها.
فلا يَعْتبَنَّ الإنسان على الدنيا وأحكامها، ولكن فليجتهد أن يحكم نفسه.
إذا أنت كشفت جذور الشجرة لتطلقها بزعمك من حجابها،
وتخرجها إلى النور والحرية،
فإنما أعطيتها النور، ولكن معه الضعف
والحرية ومعها الانتقاض؛
وتكون قد أخرجتها من حجابها ومن طبيعتها معًا؛
فخذها بعد ذلك خشبًا لا ثمرًا،
ومنظر شجرة لا شجرة،
لقد أعطيتها من علمك لا من حياتها،
وجهلت أنها من أطباق الثرى في قانون حياتها،
لا في قانون حجابها.
أفليست كذلك جذور الشجرة الإنسانية؟
أن نسيان الله ليس عمل العقل،
ولكنه عمل الغفلة والأمن وطول السلامة.
إن الفكر في تخفيف العبء الذي تحمله يجعله أثقل عليك مما هو،
إذ يضيف إليه الهم،
والهم أثقل ما حملت نفس؛
فما دمت في العمل فلا تتوهمن الراحة،
فإن هذا يوهن القوة، ويخذل النشاط، ويجلب السأم؛
وإنما روح العمل الصبر،
وإنما روح الصبر العزم.
« prima precedente
Pagina 19 di 70.
prossimo ultimo »
Data privacy
Imprint
Contact
Diese Website verwendet Cookies, um Ihnen die bestmögliche Funktionalität bieten zu können.