كي تتمكن المؤسسة الدينية من التوسط بين ما انفصل من عالم الإلهيات والدنيا, عليها أن تبني سلكاً مختصاً من الكهنة ورجال الدين "المهنيين" المدربين والمنشغلين بقضايا الدين والطقوس والشعائر وقيادتها. وتقوم هذه الفئة الاجتماعية بالوساطة بين الدين والدنيا, وبين الله والمجتمع والدولة, ولاحقا بين الفرد والمجتمع, والله والدولة عبر تنفيذ مستمر ومثابر لمهمتين أساسيتين: الأولى عقلنة العقيدة في الفقه واللاهوت وتحويلها إلى منظومة متسقة تتميز بمنطق داخلي يمكن تدريسه والاشتغال فيه, بحيث تتحول إلى عقيدة منظمة فعلا, يمكن نقلها وتلقينها وتدريسها وقبولها بمجملها, بدلا من أن تكون جملاً إيمانية مبعثرة لا تقيم لاهوتاً. والثانية, تشكيل منظومة أخلاقيات دينية. وبمعنى ما, فإن نشوء المؤسسة الدينية كحالة مركبة من توزيع العمل هو أيضاً بداية عملية علمنة من نوع آخر على مستوى آخر, مثل فصل الله, باعتباره مطلقاً, عن العالم النسبي.

عزمي بشارة


Vai alla citazione


« prima precedente
Pagina 7 di 7.


©gutesprueche.com

Data privacy

Imprint
Contact
Wir benutzen Cookies

Diese Website verwendet Cookies, um Ihnen die bestmögliche Funktionalität bieten zu können.

OK Ich lehne Cookies ab