وحده الإبتلاء من هو قادرٌ على كشف مواطن القدرة في الجسد الإنساني عن طريق عَظَمَة الروح المبتلاة، وحده الله الذي عليه نتوكل وبه نوقن ونؤمن، تذكرت قوله تعالى في سورة التين (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ)؟
بلى! ويحَكِ أيتها "البلى"، أتستكفين نفسك كجواب؟ أتتجرئين على هكذا استفهامٍ لوحدك؟ ألا ترين نفسك أصغر من حمل رسالةٍ لسؤالٍ كهذا؟ رسالةٍ فحواها نعم وطبعاً، وبالتأكيد بل وقطعاً، مؤمنين موقنين، مسلمين مستسلمين، حاكمين ومحكومين.
أحبك ربي ..
أحبك حباً وكأنّه مَقعَد، وكأنّي فيه أنا مُقعَد، فإن رَغِبَت نفسي بمنكرٍ حال بيننا، وإن شَقَّ عليَّ معروفٌ جذَب بيننا، حبك يا إلهي مَقعدٌ أجلست نفسي فيه طوعَاً، وأنتظر عليه مجلساً في الفردوس طمعاً، أحبك ربي ..
قلت: يا عم أراك عظيماً، كريماً، معطاءً، أُدعني لخير.
تبسّم ثم قال: يا بني أدعوك أن تُحسن، قال تعالى في سورة القصص (وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ)، وكم من قصةٍ أحسن الله إلينا فيها، ورددناها للوجود سوءاً من بعد سوء، إحسانُكَ عليكَ أمر، وإحسان الله تم في الماضي، وحاضره ما زال، ولن يزول مستقبله.
ما غربةُ الحَجَرِ إلا انفصالٌ لروحِ بشرٍ عن روحِ وطنٍ فيه العديد من الذكريات، وحرمانُ جسدٍ عن أجسادِ مكنونات الأوطان، وتركُ حيزٍ من الفراغ في المكان لعله يبثّ لنا مراسيلَ الأشواق لسدِ ظَمأ الحرمان.
إبراهيم إدريسلعمري لاقتلاع شجرةٍ من جذورها من الأرض أهونُ من اجتثاث قلب من أحب الحياة عليها، فجذورنا الدنيوية أعمقُ من جذورها وأكثر تشعباً، تتشعب جذورها بحثاً عن ماءٍ وغذاءٍ فقط، وتتشعب جذورنا بحثاً عن جاهٍ وسيادة، عن سطوٍ وسيطرة، إضافةً لما تسعى له الجذور من الشجر، طموحها الإفادة وطموحنا الخلود، تحيا مع الجمع، ونحيا عليه.
إبراهيم إدريسلسعادة أن تجعل من نفسك وقفاً لله تعالى لإبدال تعاسة الناس أفراحاً، وإبدالِ أفراحهم بأفراحٍ أعظم وأعظم، هي أن يرف قلبك من مكان مُطلٍ ليلَقّم القلوب المزقزقة طمعاً فرحاً لا مثيل له، فتقرأ من تحركاتهم فرح اللقاء ومن ألسنتهم حب الحياة ومن أعينهم شكرَ الله، ومن نفوسهم استبداداً على عرش الهناء.
السعادة منحةٌ إلهية لمن تفوق بشرياً بسكبها للكون كشراب، كم جميلٌ أن تحتسي كوب السعادة وكم هو أجمل اسقاؤه للآخر جرعات وجرعات وإسقاط آخر قطراته في فمك.
وكالديمقراطية مثلاً؛ فأن تماشت نتائجها وإيّاي فهي العدل المطلق، وإلا كانت بالغش قد قامت بل وبالحقد المبرم، رغم سوءها تراها مطمع لكل شعب.
لا أدري كيف للشعوب أن تَستَشير في المأكل والمشرب، في العلاج وفي القضاء ويفضلون الديمقراطية عليها في الحكم، كيف لهم أن يجعلوا للجاهل وللمتآمر وللحاقد حقاً في تحديد مصائر الأمة!
أحبك حباً وكأنّه حجاب، يحجب مني كل نظرةٍ مشبوهة، ويحجب عني كل فتنةٍ مسعورة، حبك يا إلهي حجاب سترت به نفسي، أحطت به نفسي، عقلي وقلبي وبه أحببني يا ربي، أحبك ربي ..
إبراهيم إدريسفقال: ما هو الحب! أهو أن تُظِلَّ الآخر بمظلةٍ من عقلك فتقيه الكون نظراتَه وهمساتَه؟ أم أن تُركبه مركبةً في قلبك مملكاً إياه مِن حَوضٍ فريدٍ إليك قد تم تمليكه؟ أهو أن تتخذ من وصفة مشاعرَ مشتعلةٍ لا تؤول لرمادٍ أبداً شهيقا لا يتبعه أي زفير؟ أم أن تَخلُطه عجيناً من مكونات الكمال المُقتَطَفَة من حدائق الجمال لا يشوبه أي قبيح؟
إبراهيم إدريسوكأنّ فيه من ألوان الطيف صورةً، فألوان الطيف اتحادُ أجمل الألوان على حدة مشكلة قوساً من أسطورة جمال الألوان، وهو اتحاد أجمل الأدوار البشرية على حدة مشكلةً رسولاً أُسطورةً لكل زمان.
كان الرسولَ والصادقَ والأمينَ، كان الزوجَ والأبَ والصديق، كان المعلمَ والعالمَ والمجاهدَ، كان الكريمَ والمعطاء والمحبّ، ووالله لا تندمج هذه معاً إلا في خُلُقِه، ولا تتسع لها روحٌ بشريةٌ إلا كروحه، ولا يمتثل لها جسدٌ إنسانيٌّ إلا كجسده صلى الله عليه وسلم.
Page 1 of 3.
next last »
Data privacy
Imprint
Contact
Diese Website verwendet Cookies, um Ihnen die bestmögliche Funktionalität bieten zu können.