كالقدر مثلا، فكيف للقدر أن يخطّ نجاحاً فوق نجاحهم؟ فمن منَّ الله عليه بنجاحٍ دنيوي يفوق ما حظوا به، أصابته لعنتهم، ومن أصابه فشلٌ يفوق فشلهم أصابته رحمتهم، تخالهم غزلاناً مع الأقل، وتراهم ذئاباً مع الأَجّل.
عذراً منك أيها المعترض على القدر، عجزك عن قراءة حكمة الله لا يحرمنا الفرحة، وشماتتك بالأقدار الصعبة لا تزيدنا الحسرة، لا نريد منك إلا أن تُدير لنا وجهك وللأمام بلا رجعة.
ما العيدُ إلا احتفالٌ بطاعةٍ جماعية بين جموع المؤمنين، أخالها صورةً عن احتفالهم يوم لقائهم بالله، ففيه يهنئون بعضهم بعضاً على ما حمَّلوا الملائكة من طاعاتهم لتقوم بدورها بتدوينها بالصحائف.
كم جميلٌ أن يكون التقاءهم يوم عيدهم بالصلاة، لفرطِ إيمانهم كان عيدهم صورةً عنها، وحدها صلاة العيد من تطفئ ظمأ التقصير، وحدها من ترخي جُهدَ المناسك، ووحدها من تعطي المكافأةَ كشعورٍ جميل.
في الصوم معنى من معاني إجادة الطهي، فرشَّةٌ من الحرمان لقَدرٍ من الوقت، تطفي بنكهة اللذة على قِدرٍ من الغذاء لأمد من الزمن، و به تتحد رائحة الجوع التي تفوح خارجةً من الفم مع ما يبوح منه من الدعاء والشكر لله على أن منَّ علينــا بالعديد من النعم. ما الصوم إلا وحيٌ من الله للنفسِ أن لكِ حداً فالتزمِ، أن لك قائـداً فاثبتِ، أن لكِ أخـــاً فانصـرِ، أن لك رباً فاعبدِ.
إبراهيم إدريسوقال في الهدية:
وحذارِ! اعتنيها عناية جفنٍ لعين، عناية رحمٍ لجنين، انفض عنها أسباب النسيان من أثر الزمان، و رُدّ عنها كل مكروه أو خطر عليها من الحرمان، اشهد من خلالها كل الوجود، واسمع من جنباتها ذكريات المحبوب، فحُلُمُ إسعادك مكنونٌ فيها، ودقات قلبي ما زالت لها بوصول.
فلا تَفقدها يدُك ولا تُسقطها جيبك، لا تثبتها على مسمار حديديّ معوّج ولا على جدار حجريّ مائل، ضعها هناك على شُرفة روحك المطلةِ المعشوقة من قِبَلِ روحي الهائمة، لعل رياح الحنان تُجَّففُ وتزيد من ظَمأ شوقي لعلها تشتعل ناراً تصبُ جام ولهي إليك.
كم عظيمٌ انغراس الفتاة في قلب الرجل! كم تبذل هي في انغراسها من طاقة القلبِ؟
وكم يبذل هو من حبٍ في سبيل إطباقه عليها؟
كم تحترق شوقاً للوصول إليه!
وكم يحتمل من وحدةٍ في انتظارها!
كم هو ثمينٌ ما يثمرانه من حبٍ وحنانٍ وولد؟
كم هو جميلٌ ما يَنبت منهما من شجرة الحب قطافها في الفضاء لكل روحٍ هائمةٍ باحثةٍ عن روح.
يا بني عندما تعلن نفسك حبيباً، كن على ثقة أن الحب ليس مرآة تعكس لك ما أطلقت، اجعل حبك كالنور لا راد له من الفضاء.
عندما تُعلن نفسك أباً، كن على ثقة أن الأبوة كالشلال، ماءه يسقط ولا يعود، ولا تغتر بقطرات الماء الصاعدة من مصب الشلال فلولا صدامها بالصخر لما ارتدّت، وحتى هذه القطرات ستراها للمصب تعود.
عندما تعلن نفسك صديقاً، كن على ثقة أن الصداقة تعمل كعمل صديقك الساعي، ما الصديق إلا رسائل للآخر، وما للساعي لنفسه أي بريد.
لقلب: نعم، هناك مني المُحِب، المُحِب مني ذاك الذي فقد سيطرته على لجامه فانطلق فرساً جسورةً نحو بحار الشوقِ لتَسُد ظمأها مِن مَن تُحب، هو مني ذاك الأسد الذي يفترس الوقت والحَدَث لإشباع نهمه العشقي، تراه يزأر طارداً عداد الزمن منتحباً أيامه المفُتَرَسَة.
ألم تَصِلكَ يوماً رسائلٌ هوجاءَ تُحارب منك المنطق؟ ألم تُعَطلكَ مِن أَجل بضعٍ من أمَل؟ ألم تُسَيرُكَ على أشواكٍ ذاتِ ألم؟ ألم تَقُدكَ نَحو نارٍ ذاتِ لهب؟
والله إني أخالُ الإنفراج ما بين شفتيه صلى الله عليه وسلم إن أراد تبسماً، كانشطار البدر إن أراد لما وراءه تكشّفاً، فيتكشف لنا في ثغره كوكبةٌ من البدور.
كيف للبدرِ أن يحتضن البدورَ؟ كيف لِلُؤلؤةٍ أن تخفي اللألئ؟ كيف للكنوز أن تتبدى في الوجه المكنوز؟ إنها ابتسامةُ رسول، فسبحان من خلقه، فسبحانه ..
لا يمكن أن تكون الأبوة سحابة صيفٍ عابرة، بل هي قيمةٌ راسخة تُخلق مع الفطرة وتظهر للعيان بولادة الكيان، الزواج قد يمحى بالطلاق، والعلم قد ينفى بالجهل، إلاّ أن الأبوة شعورٌ دائمٌ لا يفنى ولا يستبدل، بل ينمو من اللامحدود لللامحدود وأكثر، ولعل التغيرات الجذرية في جسد المرأة مرآة لما يحدث من التغييراتِ ذات طريق اللاعودة في حياة من بات أباً أو من باتت أماً.
إبراهيم إدريسوكم أحب مرافِقته، تلك السمراء الرشيقة، وحدها من تذوب فيك من أجلك كالشمعة ساعية لنشر نور الرفاهية في كافة أنحاء جسدك، طعمها موسيقى كلفظها شوكــولاتــــه ..
إبراهيم إدريس« first previous
Page 2 of 3.
next last »
Data privacy
Imprint
Contact
Diese Website verwendet Cookies, um Ihnen die bestmögliche Funktionalität bieten zu können.