كنتُ أتذكّرك وروحي تضيق
بهذا الحزن الذي تعرفين.
أين كنتِ آنئذٍ؟
بين أيّ أناس؟
أيّة كلمات كنتِ تقولين؟
لماذا يداهمُني كل هذا الحب
عندما أشعر بالحزن، وأَشعرُ بكِ بعيدة؟
أنتِ هنا. آه أنتِ لا تهربين.
ستجيبينني حتّى الصرخة الأخيرة.
التصقي بي كما لو كنتِ خائفة.
ظلٌّ غريب، طاف، ذات مرّة، في عينيكِ.
متفكّراً، أصطاد ظلالاً في وحدتيَ العميقة.
أنتِ أيضاً بعيدة، آه، أكثر بعداً من أي إنسان آخَر.
متفكّراً، أُطلق عصافيرَ، أبدّد صوَراً،
أدفن مصابيحَ.
بُرجُ أجراسٍ من ضباب، ما أبعده، هناكَ فوق!
أخنقُ النحيب، أطحنُ آمالاً قاتمة،
طحّانٌ صامت،
يدهمكِ الليل، بعيداً عن المدينة.
هذا كان مصيري وفيه سافر اشتياقي،
وفيه سقط اشتياقي، فيكِ غرِقَ كل شيء!
آه، يا مثوى الحطام، فيكِ سقط كل شيء،
أيُّ ألمٍ لمْ تكابديه، أية أمواجٍ لم تُغرِقْكِ!
كنتُ وحيداً مثل نفق. تجنّبَتْني العصافير،
واخترقَني الليل باجتياحه الطاغي.
وكَيْ أنجو بنفسي صغت منك سلاحاً،
سهماً لقوسي، حجراً لمقلاعي
لكنْ تهبط ساعة الانتقام، وأحبك.
يا عطشي، يا اشتياقاً لا ينتهي، يا طريقيَ الحائر!
دروبُ مياهٍ مظلمة، حيث العطش الأبدي يستمر،
والعناء يستمر، والألم لا نهاية له.
إنه الصباح الذي تملؤه العاصفة
في قلب الصيف.
مثل مناديل الوداع البيض تسافر الغيوم،
وتمضي بها الريح مع أيديها المسافرة.
يلفّكِ الضوء في شعلته المميتة.
ذاهلة، شاحبة، منهَكة، هكذا تبدين
أمام دوّامات الشفق العتيقة
وهي تطوف حولك.
وأنتِ تملئين كلَّ شيء، تملئين كلَّ شيء.
قَبْلكِ استوطنتْ وحدَتيَ التي تحتلّينها،
وتعوَّدت، أكثرَ منكِ، أحزاني.
الآن أريدها أن تقولَ ما أحبُّ أنْ أقولَ لكِ
كي تسمعيني كما أحبُّ أن تسمعيني.
أراني منسيّاً مثل هذه المراسي القديمة.
وأكثر حزناً هي الأرصفة عندما يحلّ المساء.
تتعب حياتي الجائعة من غير جدوى.
أُحِبُّ ما ليس عندي. كم أنتِ بعيدة.
سَأَمي يصارع الشفق الذي يأتي بطيئاً.
لكنَّ الليل يصل ويبدأ يغنّي لي.
والقمر يطوف بإطلالة الحلم.
« first previous
Page 34 of 42.
next last »
Data privacy
Imprint
Contact
Diese Website verwendet Cookies, um Ihnen die bestmögliche Funktionalität bieten zu können.