التديّن الذي يقوم على إهمال جوهر الدين يكون إما ظاهرياً او عصبوياً او كلا الأمرين.
عزمي بشارةفي أن الدين غير ممكن التصور من دون متدينين يمارسونه. وفي أن من غير الضروري أن تتكرر تجربة كشف المقدس للمتدينين, وفي أن الجمل الإيمانية والعبادة والطقوس, أي عملية التوسط, تقوم بالمهمة. وفي أن العقيدة نسق من الجمل الإيمانية التي يمكن تدريسها وتلقينها والمحاججة في شأنها, وفي أن المطلق يبقى عصياً على التواصل العقلي. وفي أن التوسط هو ما تقوم به المؤسسة الدينية مهما كانت ضامرة. وفي أن التدين ممارسة اجتماعية للدين.
عزمي بشارةمع ترسّخ الظاهرة اجتماعياً وابتعادها عن مصادرها ومع انتشار الأعراف والعادات يصعب القول هل الإيمان هو إيمان بالعقيدة الدينية أم إيمان بالتديّن ذاته.
عزمي بشارةالناس لا يولدون أمة , الأمة تبنى .
عزمي بشارةتضغط العقيدة اجتماعيا على الافراد للالتزام بها خشية التميّز والتفرد والعزلة, أو خشية الاتهام بالزندقة. وهذه هي الآلية الإدماجية المؤسسية التي ترى الفرد مجرّد عنصر من منظومة قواعدها ومعاييرها. وتنظّم العقيدة على ما يبدو خيطاً عقلياً ومنطقياً ما كان إيماناً بسيطاً, كما أنها تبدأ بنفي العقائد التي سبقتها. وغالباً ما تدّعي عدم صحتها إذا ما كانت قائمة في التقليد الديني والحضاري نفسه. وتحتدم المجادلات بين تأكيد الاستمرارية وحتى التكفير بين العقائد التي تقوم على ديانات في الفضاء الحضاري نفسه.
وغالبا ما تكون هذه السجالات وراء شكل وضع العقيدة بصورة منظومة بحيث لا تُفهم, أو تفهم خطأ, من دون معرفة السياقات السجالية لنشوئها.
والحقيقة أن العقائد الدينية بصورتها المعروفة لدينا كانت دوماً ثمرة سجالات حادة حدثت في سياق انقسامات لاهوتية معقدة. وكذلك كان خروجها بمظهر "العقيدة الصحيحة" ثمرة ذلك التاريخ السجالي وتم ذلك من خلال فترة تاريخية لا دفعة واحدة.
تتغيّر العقيدة باستمرار, بحيث يبرز فيها بالتدريج تقديس ما لم يكن مقدسا في بداياتها تبعاً لازدياد أهميته في المنظومة الإيمانية, أو إذا ما فرض ذلك التدين الشعبي. فيقدّس مع الوقت النبي, ورجل الدين, وتقدس مثلا مواسم ومناسبات معينة لم لكن تُقدس في مراحل هذا الدين الأولى.
كما تُضاف هالة من القدسية على المؤسسين في اقتحام واضح من نزعة عبادة الاسلاف لمجال ديني خرج ضدها.
هنا يتجلى لنا بوضوح كيف يصنع التديّن الدين من جديد عبر التاريخ, لا العكس, فنمط التديّن الممارس بتأثيرات اجتماعية واقتصادية متعددة ينقل أنماط التديّن هذه لتصبح من "صميم الدين".
يصنع التديّن الدين من جديد عبر التاريخ, لا العكس, فنمط التديّن المُمارس بتأثيرات اجتماعية واقتصادية متعددة ينقل أنماط التديّن لتصبح من "صميم الدين".
عزمي بشارةحين تدرك الدولة أهمية القانون الأخلاقية فإنها تتصرف كممثل لوعي المجتمع لذاته كعموم, ووعي المصلحة العامة لذاتها كخير عام. وتستغني الدولة عن وظيفة الدين هذه في مثل هذه الحالة , وقد تحتاج الدين كمساند أو كأيديولوجية تبريرية. وهو ما قد يستدعي استخدامه كأيديولوجية تبريرية ضدها. وفي الحالتين تضيع الأخلاقية الدينية وتخضع للسياسة بما في ذلك من نشوء ظواهر تديّن لا ترى في الكذب او القتل او غيره مشكلة ما دامت في خدمة الدين كأيديولوجية.
عزمي بشارةالحرية والأخلاق صفات بشرية, وليست صفات إلهية, ولا يمكنها أن تكون كلية لأنها قائمة على الإرادة والاختيار والنزعات والميول والاجتهاد والخطأ, وعلى القيم. وهي قائمة عند كائن نهائي وزائل وواقع وعاقل ونسبي. ولا خيارات في الكمال. وليست الحرية في رأينا كامنة في الكمال, بل في النقص, وفي وعي هذا النقص, وفي توفر إرادة الاختيار لفعل شيء بهذا الخصوص.
عزمي بشارةإن مركّبي التقوى هذين هما, الإيمان بوجود العناية الإلهية, وعدم القدرة على إفسادها بالتأثير فيها, يضعفان المؤسّسة الدينية ودورها الكامن في احتكارها تنظيم لغة الشعائر والطقوس, ولغة التواصل مع المقدّس.
عزمي بشارةليست المشكلة في العلاقة بين الدين والأخلاق في التديّن الشعبي ومفهوم الله كضمير كوني موضوعي/انطولوجي موجود في كل مكان, ولا في نسبية الأحكام الأخلاقية الدينية, وحتى في براغماتية المتديّن وانتهازيته إذا لزم. ولا نعتقد أن المانع أمام السلوك الأخلاقي هو اللاهوت. إذ يمكن افتراض أن الله كلي القدرة وأن أفعال البشر مقررة سلفا ثم التصرف, كما لو أنها تتقرر الآن من خلال الفعل نفسه. فليس بالضرورة أن تترك القناعة بأن أفعال الإنسان مقدرة سلفا أثرا على قرار الإنسان الأخلاقي, وهي في حالة الإنسان العادي غالبا ما تبرر الفعل بعد وقوعه بإرادة الله. لكن المشكلة تكمن في من يضعون أنفسهم متكلمين باسم إرادة الله قبل الفعل, ويلمحون أو يدعون جهارا أن ما يدعونه, وما يدعون اليه هو المقصود بارادة الله.
عزمي بشارة« prima precedente
Pagina 4 di 7.
prossimo ultimo »
Data privacy
Imprint
Contact
Diese Website verwendet Cookies, um Ihnen die bestmögliche Funktionalität bieten zu können.